لا للعاطفية

لا للعاطفية

 

الحمد لله الهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله أقام على الأمة الحجة وأوضح لها الدليل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وليس له من خلقه نظير ولا مثيل، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله خير خلق الله، والهادي إلى أفضل سبيل، وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد:

كم من بنات كن ضحية الأوغاد والذئاب من البشر حتى افترشت العار، والتحفت الوبال:

فتاة في مرحلة المراهقة.. طاهرة القلب.. لم تسمع بالأشرار.. أو سمعت بهم دون أن تراهم أو تحادثهم..، كان أبوها جاف العواطف …

 دق عليها جرس الهاتف ليلاً:

– نعم.

– أهلا بهذا الصوت العذب.

– من أنتَ؟ وماذا تريد؟!

– أنا شاب مهموم و…

أغلقت السماعة في وجهه، لكن ضميرها بدأ يؤنبها بأنها أخطأت في حقه، …!!

ألم أقل لكم إنها طاهرة القلب؟!!

اتصل ثانية فردت عليه ووقعت في شراكه..الخ القصة.

والسبب العاطفة!.

كم من الشباب وقعوا فيما حرم الله من العلاقات المشبوهة! كم من معارك خسر وانهزم فيها المسلمون والسبب العاطفة! كم من الانجازات ذهبت سدى والسبب العاطفة:

فكم رأينا من دول ورايات ومنجزات ومشاريع عملاقة قُتلت في مهدها وبعضها ربما أصابه الإحباط والبعض الآخر تسلل إليه الموت حتى هلك، والسبب العاطفة.

لقد كادت بعض الحركات الإسلامية تبلغ النضوج والتمكين لولا عاصفة العاطفة وعدم التصبر والتثبت أوداها إلى الحضيض.

أخي المسلم: لا تكن عاطفياً! ترى مظاهر البؤس في هذه الأمة ثم تنكر خيريتها وصلاحها، فقد رأينا أناس لما نظروا في مآسي الأمة وجراحها أصابهم الإحباط والخور، ولم تكن لهم أعمال تذكر في مجال العمل لنصرة هذه الأمة ونصرة مقوماتها ومبادئها، وخير هؤلاء من خرج من بيته مندداً بتلك الأعمال والمآسي بمظاهرات في الشوارع والأماكن العامة، وحضهم من ذلك الصياح والتعب.

لا تكن عاطفياً! ترى مظاهر الخير لحظة ثم تركن إليها.

فقد رأينا وسمعنا عن أناس لما رأوا بعض المؤتمرات العربية والإسلامية خرجت بقرارات منددة بالاحتلال الـ….، وقضية تدنيس المصحف، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو …!

فرحوا واحتفلوا وسمعنا الزغاريد وألقيت الخطب والمحاضرات شكراً لتلك التوصيات، وكأنما فتحت ……، أو طرد المستعمر من …، …،.

كل هذه وتلك عواطف جياشة، تعصف بأصحابها، وعندما لم تتحقق تصيبهم بالإحباط والذهول.

لكن كن واقعيناً منهجياً، سلفياً، تتعامل مع الأحداث تعامل الرجل المسؤول عن تصرفاته، وتقيس الأمور بالواقعية الشرعية.

فهذا نداءٌ وهتافٌ لأحبتي وإخوتي ذوي العاطفة الجيَّاشة والأحاسيس المرهفة الفياضة والحب الزائد الخارج عن المعقول والمعتاد: الأمرُ عظيم والخطبُ جسيم، فلابدّ أن نُعيدَ النظر في صداقاتنا بكل صدق وصراحة بلا التواء وتبرير، فهل هي لله ومن أجل الله؟ هل هي حُبٌّ للأبدان والأجسام والصور والأشكال أم القيم والدين والأخلاق؟ فما المقياس عندك ؟ فَزِنْ وقايسْ وأنتَ الحكم والإثم ما حاك في النفس وكرهتَ أن يَطلع عليه أحد، والباب الذي يأتيك منه ريح لا حيلةَ فيه إلا بسدِّه لتستريح.