عقوبة تارك الصلاة

عقوبة تارك الصلاة

عقوبة تارك الصلاة

الحمد لله الذي فرض الفرائض على عباده من غير فقر إليهم ولا احتياج، وأعطى القائمين بها أكمل الأجر وأفضل الثواب، وعاقب المعرضين عنها والمفرطين فيها بما يستحقونه من العقاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك من غير شك في ذلك ولا ارتياب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعباد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المعاد. أما بعد:

الإخوة المسلمون: لقد شرعت لكم الصلوات الخمس التي تطهر القلوب من درن الذنوب، وتوصل العبد إلى غاية المطلوب، الصلوات التي هي صلة بين العبد وبين خالقه وفاطره، يطهر بها ظاهره وباطنه، فحين يريد الصلاة يأتي إليها بطهارة الباطن والظاهر، ويقف بين يدي ربه خاشعًا خاضعًا لا يلتفت بقلبه ولا بوجهه، قلبه متصل بالله تعالى.

لكن –وللأسف الشديد- فإن كثيراً من المسلمين اليوم تهاونوا بالصلاة، وأضاعوها حتى تركها بعضهم تركاً مطلقاً، ولما كانت هذه المسألة من المسائل العظيمة الكبرى من أمور ديننا الحنيف جاء الوعيد من الله تعالى في حكم من تركها كما قال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا*إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} (59-60) سورة مريم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ولكن أخروها عن أوقاتها.

وقال سعيد بن المسيب -إمام التابعين رحمه الله-: هو أن لا يصلي الظهر حتى يأتي العصر، ولا يصلي العصر إلى المغرب، ولا يصلي المغرب إلى العشاء، ولا يصلي العشاء إلى الفجر، ولا يصلي الفجر إلى طلوع الشمس فمن مات وهو مصر على هذه الحالة ولم يتب وعده الله بغي، وهو واد في جهنم بعيد قعره، خبيث طعمه.

وقال الله تعالى في آية أخرى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (4-5) سورة الماعون، أي غافلون عنها متهاونون بها.

فسماهم مصلين لكنهم لما تهاونوا وأخروها عن وقتها وعدهم بويل، وهو شدة العذاب، وقيل هو واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره، وهو مسكن من يتهاون بالصلاة ويؤخرها عن وقتها إلا أن يتوب إلى الله تعالى ويندم على ما فرط.

فإذا كان هذا حال من تساهل فيها فما حال من ضيعها وتركها!!

أيها المسلمون: ترك الصلاة من موارد دخول النار كما قال تعالى عن المجرمين: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (43) سورة المدثر، ترك الصلاة -يا عبد الله- يعني قطع الصلة بينك وبين خالقك.

تارك الصلاة كافر، لا يغسل ولا يكفن ولا يقبر في مقابر المسلمين. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة). رواه مسلم.

وقد جاء عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف)1.

فيا عبد الله اتق الله تعالى وحافظ على الصلاة، فإذا كان ما سبق من عقوبات الآخرة فلا تنسى أن لتارك الصلاة عقوبات دنيوية ومنها القتل لأنه مرتد عن دين الإسلام، إذ أن الصلاة هي الركن الأعظم في الإسلام.

ألا تعلم يا تارك الصلاة أن الموت آت وكل آت قريب وأنك قد تموت الآن؟

أما آن لتارك الصلاة أن يُحاسِب نفسه قبل أن يُحاسَب، وأن يتوب إلى الله قبل أن يحال بينه وبين ذلك؟

ألا يعلم تارك الصلاة أن الإسلام يجب ما قبله، وأن التوبة تجب ما قبلها؟

فماذا ينتظر تارك الصلاة؟! إلاَّ فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أومرضاً مفسداً، أوهرماً مفنداً –مضعفاً-  أوموتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أوالساعة "فالساعة أدهى وأمر"؟

اللهم رد المسلمين إليك مرداً جميلاً، وصلى الله على نبينا وآله وصحبه.

والحمد لله رب العالمين.


 


1 رواه أحمد في المسند(6576) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.