لئن شكرتم لأزيدنكم

لئن شكرتم لأزيدنكم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الشكر سبب لزيادة النعم، ودفع النقم، واستجلاب البركات، وتكثير العطيات من ربنا الواحد رب البريات، يقول ربنا جل في علاه في كتابه الكريم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}(إبراهيم:7).

وقد أنعم الله عز وجل علينا بسائر النعم، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنه: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ}(لقمان:20)، ومن أعظم تلك النعم، وأجزل العطايا؛ أن هدانا سواء السبيل، واختارنا واصطفانا من بين كثير من الأمم أن نكون مسلمين، وأكمل لنا هذا الدين فقال سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً}(المائدة:3)، ثم جعلنا أتباعاً لمحمد  من الأمة المهدية المرضية، خير أمة أخرجت للناس: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}(آل عمران:110).

عباد الله: ألا وإن نعم الله كثيرة لا تحصى، وإحسانه وتفضله على جميع خلقه أمرٌ لا ينسى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}(إبراهيم:34)، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}(النحل:18)، ومن تلك النعم نعمة اكتمال حواسنا من سمع وبصر وأفئدة: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ}(الملك:23)، ثم تأتي نعمتا الأمن من الخوف، والإطعام من الجوع، ولا يعرف قدر هاتين النعمتين إلا من فقدهما، ومن نظر إلى الأمم من حوله عرف معنى الكلام، فكم من حروب دمَّرت الحرث والنسل ونسفت، وكم من مجاعات أكلت كثيراً من الخلق وأبادت.

وإن شُكرَ الله تعالى على نعمِه التي لا تعَدّ ولا تُحصَى أوجبُ الواجبات، وآكَد المفروضات قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ بِوٰلِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ في عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لي وَلِوٰلِدَيْكَ إِلَىَّ ٱلْمَصِيرُ}(لقمان:14)، وقال تعالى: {وَٱشْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}(النحل:114)، حيث بشكره يكون الحفاظ عليها، وبدوام طاعته وعبادته والقرب منه يكون الاستمرار فيها.

وقد امتنَّ الله تعالى على كثير من عباده فأعطاهم من كريم السجايا، وعظيم الصفات؛ما علت به أقدارهم، وسمت به منازلهم، وارتفعت به درجاتهم عند ربهم سبحانه وتعالى، ومن أجلِّ هذه الصفات قدراً، وأعظمها أثراً؛ صفة الشكر؛ وهي ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناءً واعترافاً، وعلى قلبه محبة وشهوداً، وعلى جوارحه طاعة وانقياداً، وهو دليل على كمال العقل، وصلاح القلب، وصحة النفس، وسلامة الصدر.

وأعظم الشّكرِ الإيمان بالله تعالى، وأداء فرائضه وواجباته، والبعدُ عن محرّماته، ثمَّ شكر بقيّة النّعم إجمالاً وتفصيلاً، كما أنّ أعظمَ كفرانِ النّعم؛ الكفر بالرسالةِ بالإعراض عن الإيمان بالله وحده، وترك فرائض الله وواجباتِه، وفِعل المعاصي، ثمّ كفران بقيّة النّعم.

وقد جاء في كتاب الله الأمر به؛ كما جاء النهي عن ضده أي الكفران وجحود النعم، وعدم الإقرار بها أو استعمالها فيما يكره المنعم جل وعلا فقال سبحانه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}(البقرة:152)، وجاء فيه أيضاً الثناء على أهل الشكر حيث وصف به أفضل خلقه فقال عن خليله إبراهيم عليه السلام: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِراً لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}(النحل:120-121)، وقال عن نوح عليه السلام: {إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً}(الإسراء:3)، أي كثير الشكر يحمد الله على كل حال.

والشكر لله تعالى أمره عظيم، وثوابه جزيل، ينجي الله به من العقوبات، ويدفع الله به المكروهات قال الله تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً}(النساء:147)، وقال سبحانه: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ *  نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ}(القمر:33-35)، وبه تزيد النعم، وتدفع النقم قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}(إبراهيم:7) يقول سفيان بن عيينة رحمه الله: “{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ}: لئن شكرتم نعمتي لأزيدنكم طاعتي التي تقودكم إلى جنتي”1، وقال العلامة ابن سعدي رحمه الله: “{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ} من نعمي {وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} ومن ذلك أن يزيل عنهم النعمة التي أنعم بها عليهم، والشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله، والثناء على الله بها، وصرفها في مرضاة الله تعالى، وكفر النعمة ضد ذلك”2، ولن يستطيع أحد أن يشكر ربه حق شكره

وما كان شكري وافياً بنوالكم ولكنني حاولت في الجهد مذهباً

وأخبر سبحانه أن المنتفع بآيات الله وآلائه الكونية والشرعية هم الشاكرون فقال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}(لقمان:31)، وقال عز وجل: {إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}(الشورى:33).

والشكر ثلاثة أضراب: الأول: شكر القلب، وهو تصور النعمة وتيقنها أنها منه سبحانه. والثاني: شكر اللسان: وهو الثناء على المنعم بما هو أهله. والثالث: شكر الجوارح: وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه، وذلك بالقيام بحقه، والاجتهاد في طاعته، وإخلاص العمل من أجله قال الله عز وجل: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}(سبأ:13)، وقال القائل:

أفادتكم النعماء مني ثلاثـة    يدي ولساني والضمير المحجبا

وعن عائشة رضي الله عنها: “أن نبي الله   كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ((أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً))“رواه البخاري برقم (4557) ومسلم برقم (2820)، فدل على أن العمل بالطاعة شكر لله عزوجل.

واسمع إلى كلام الغزالي رحمه الله حيث يقول: “الشكر ينتظم من علم وحال وعمل، فالعلم هو الأصل فيورث الحال، والحال يورث العمل، فأما العلم فهو معرفة النعمة من المنعم، والحال هو الفرح الحاصل بإنعامه، والعمل هو القيام بما هو مقصود المنعم ومحبوبه،وهذا العمل يتعلق بالقلب وباللسان وبالجوارح، أما بالقلب فقصد الخير، وإضماره لكافة الخلق، وأما باللسان فإظهار الشكر لله تعالى بالتحميدات الدالة عليه، وأما بالجوارح فاستعمال نعم الله تعالى في طاعته، والتوقي من الاستعانة بها على معصيته”3 .

وقد مضى رسول الله   على نهج سلفه من أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام في ملازمة الشكر على كل حال، فها هو يسأل ربه عز وجل أن يجعله كثير الشكر، مداوماً عليه فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “أن رسول الله  كان يدعو: ((رب أعني ولا تعن عليَّ، وانصرني ولا تنصر عليَّ، وامكر لي ولا تمكر عليَّ، واهدني ويسر الهدى إليَّ، وانصرني على من بغى عليَّ، رب اجعلني لك شكاراً، لك ذكاراً، لك رهاباً، لك مطواعاً، إليك مخبتاً،لك أواهاً منيباً، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي))4.

ويوصي النبي   معاذ بن جبل رضي الله عنه بالشكر وملازمته يقول معاذ: “أخذ بيدي رسول الله  فقال: ((إني لأحبك يا معاذ))، فقلت: وأنا أحبك يا رسول الله، فقال رسول الله  : ((فلا تدع أن تقول في كل صلاة: رب أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك))5.

عباد الله: واعملوا أن من أسباب وقوع العذاب، وحلول النقمة والعقوبة على الأفراد والمجتمعات؛ كفر نعم الله تعالى، وعدم شكرها والرضا بها، وجحودها وإنكارها كما قص الله علينا هذا في قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}(النحل:112) قال العلامة

ابن سعدي رحمه الله: “وهذه القرية هي مكة المشرفة التي كانت آمنة مطمئنة لا يهاج فيها أحد، وتحترمها الجاهلية الجهلاء، حتى إن أحدهم يجد قاتل أبيه وأخيه فلا يهيجه مع شدة الحمية فيهم، والنعرة العربية، فحصل لها من الأمن التام ما لم يحصل لسواها،

وكذلك الرزق الواسع، كانت بلدة ليس فيها زرع، ولا شجر، ولكن يسر الله لها الرزق يأتيها من كل مكان، فجاءهم رسول منهم يعرفون أمانته وصدقه، يدعوهم إلى أكمل الأمور،وينهاهم عن الأمور السيئة؛ فكذبوه وكفروا بنعمة الله عليهم، فأذاقهم الله ضد ما كانوا فيه، وألبسهم لباس الجوع الذي هو ضد الرغد، والخوف الذي هو ضد الأمن، وذلك بسبب صنيعهم وكفرهم، وعدم شكرهم”6.

وما قصة أهل سبأ عنكم ببعيد قال الحق تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}(سبأ:15-19)

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: “كانت سبأ ملوك اليمن وأهلها، وكانت التبابعة منهم،وبلقيس صاحبة سليمان منهم، وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم، وعيشهم واتساع أرزاقهم، وزروعهم وثمارهم، وبعث الله إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه، ويشكروه بتوحيده وعبادته؛ فكانوا كذلك ما شاء الله، ثم أعرضوا عما أمروا به، فعوقبوا بإرسال السيل، والتفرق في البلاد شذر مذر”7

علامة شكر المرء إعلان شكره ومن شكر المعروف منه فما كفر

واعلموا “أنه لم يقصر بالخلق عن شكر النعمة إلا الجهل والغفلة، فإنهم منعوا بالجهل والغفلة عن معرفة النعم، ولا يتصور شكر النعمة إلا بعد معرفتها، ثم إنهم إن عرفوا نعمة ظنوا أن الشكر عليها أن يقول بلسانه: الحمد لله، الشكر لله، ولم يعرفوا أن معنى الشكر أن يستعمل النعمة في إتمام الحكمة التي أريدت بها وهى طاعة الله عز وجل، فلا يمنع من الشكر بعد حصول هاتين المعرفتين إلا غلبة الشهوة، واستيلاء الشيطان”8.

عباد الله: استقيموا على صراط الله، واتبعوا سنة نبيكم الموصوف بالخُلُقِ العظيم،واحذروا الشيطان والهوى فإنه يريد أن يجعل الأعمال الصالحة هباءً منثوراً، فاستعينوا عليه بالله، وردّوه خائباً مدحوراً بالمداومة على الطاعة، والبعد عن كل معصية قال الله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَـٰلَكُمْ}(محمد:33)،

وقال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ *إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ}(فاطر:5-6)، واعلموا أنكم على ربكم تعرضون، وبأعمالكم مجزيّون، وعلى زمن الإمهال والتفريط نادمون فعن معاذ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحُها، وخالقِ الناس بخلق حسن))9.

عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته المسبحة بقدسه، وثلث بخلقه من جنه وإنسه فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(الأحزاب:56)، ألا فصلوا وسلموا على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


11 شعب الإيمان برقم (4531).

2 تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامة السعدي (1/422).

3 إحياء علوم الدين (4/81-84) لمحمد بن محمد الغزالي أبو حامد، دار االمعرفة – بيروت.

4 رواه أحمد برقم (1998)، جاء في تحقيق الأرناؤوط وآخرين: إسناده صحيح، وانظر مسند الإمام أحمد بن حنبل (3/452) لأحمد بن حنبل، المحقق: شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط. الأولى (1421هـ-2001م).

5 مشكاة المصابيح (1/ 207) لمحمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، تحقيق: تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي – بيروت، ط. الثالثة (1405-1985).

66 تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامة السعدي (1/451).

7 تفسير ابن كثير (6/504).

8 إحياء علوم الدين (4/ 123).

9 سنن الترمذي برقم (1987)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (97).