مباحات الصيام

مباحات الصيام

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى وكفى بالله شهيداً، وأشهد ألا إله إلا الله إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً مزيداً. . أما بعد:

فهذا درس في ذكر الأمور التي تباح للصائم:

يباح للصائم ما يأتي:

1 – النزول في الماء، والانغماس فيه للاغتسال، لما روي أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "كان يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر"1 رواه أحمد ومالك وأبو داود بإسناد صحيح. وإذا دخل الماء إلى جوف الصائم من غير قصد، فصومه صحيح لأنه يشبه الناسي.

2 – الاكتحال والقطرة في العين، ولو وجد طعمها في حلقه، لأن العين ليست منفذاً إلى الجوف، وكذلك القطرة في الأذن، أما ما يدخل عن طريق الفم والأنف، فهو مفطر.

3 – المضمضة والاستنشاق دون مبالغة، فإن بلع شيئاً من الماء بغير قصد لا يفطر لأنه يشبه الناسي.

4 – القبلة لمن قدر على ضبط نفسه، ولا فرق في ذلك بين الشباب والشيوخ، لأن المهم القدرة على ضبط النفس، فمن كان من عادته أن تتحرك شهوته بالقبلة كره له ذلك، وفي الحديث الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كان يقبِّل وهو صائم"2

وأن عمر بن الخطاب قبَّل يوماً وهو صائم، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "صنعتُ اليوم أمراً عظيماً، قبَّلتُ وأنا صائم". فقال -صلى الله عليه وسلم-: (أرأيتَ لو تمضمضتَ بماء وأنت صائم؟) قال عمر: لا بأس بذلك، قال: (ففيمَ؟)3 أي لِم السؤال.

5 – الحجامة: وهي أخذ الدم من الرأس، والفصد: وهو أخذ الدَّم من أي عضو في الجسم، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحتجم وهو صائم.4 أما إذا كانت تضعف الصائم فهي مكروهة.

6 – الحقنة الشَّرجية التي تستخرج بها فضلات الجسم، لأن ما يدخل بها إلى الجسم دواء لا غذاء، وهو يدخل من غير المنفذ المعتاد.

7 – ويباح للصائم ما لا يمكن التحرز منه كبلع الريق، وغبار الطريق، كما يُباح شم الروائح الطيبة، ويباح للمرأة عند الضرورة أن تذوق الطعام، ثم تلفِظه حتى لا يدخل إلى جوفها فتفطر.

8 – ويباح للصائم أن يستيقظ على جنابة، سواء كانت من احتلام، أو من جماع، والأفضل الاغتسال من الجماع قبل النوم. وقد روت عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصبح جنباً من جماع ثم يغتسل ويصوم.5.

9 – ويباح للصائم الاستمرار في الأكل حتى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر وفي فمه طعام، وجب عليه أن يلفظه، فإن فعل صح صومه، وإن ابتلع ما في فمه من طعام مختاراً أفطر، والأفضل أن يُمسك عن الطعام قبل الفجر بقليل.6

10 – ويباح للصائم الاكتحال والقطرة في الأذن:

روي عن الحسن -رضي الله عنه- أنه لا بأس باكتحال الصائم، كما أن الأذن ليست بمنفذ إلى الجوف.

11 – ويباح للصائم تذوق الطعام: –

بقصد التأكد من صحة إعداده أو نوعه؟

لما روي عن ابن عباس: لا بأس أن يذوق الطعام الخل والشيء يريد شراءه.

12- ويباح له مضغ الطعام بغرض تيسير أكله للطفل من غير أن يتحلل منه شيء ينزل إلى الجوف.

13‌- ويباح له التعطر وشم الطيب.

14 – ويباح له السواك الجاف غير الرطب.

15- ويباح له قلع الضرس.7

وقد جمع البخاري -رحمه الله- بعض ما يحل للصائمة فعله فقال: ‏ بَاب اغْتِسَالِ الصَّائِمِ وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ، وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الْحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ‏. ‏

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "لا بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ الْقِدْرَ أَوْ الشَّيْءَ"، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِيناً مُتَرَجِّلاً"، وَقَالَ أَنَسٌ: "إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ"‏. ‏

وَيُذْكَرُ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ اسْتَاكَ وَهُوَ صَائِمٌ.  

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ‏: ‏ "يَسْتَاكُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، وَلا يَبْلَعُ رِيقَهُ.

وَقَالَ عَطَاءٌ: "إِنْ ازْدَرَدَ رِيقَهُ لا أَقُولُ يُفْطِرُ" وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ‏: ‏ "لا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ قِيلَ: لَهُ طَعْمٌ، قَالَ: وَالْمَاءُ لَهُ طَعْمٌ، وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ. ‏ وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ بِالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ بَأْساً"8‏. ‏

ويباح لصائم أدوية العين و الأذن ، والحناء و الصَبِر ، ولا يفطر و لو وجد طعمها في جوفه ، ويباح له كذلك السواك طوال اليوم وشم الطيب والبخور على أن لا يدخله عامدا في جوفه ‏. ‏

وإذا دخل جوفه مالم يمكن التحرز منه كذباب أو الغبار فلا شيء عليه لقوله تعالى‏: ‏‏{‏لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}‏ وَقَالَ الْحَسَنُ‏: ‏ إِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ الذُّبَابُ فَلاشَيْءَ عَلَيْهِ. و يباح له التبرد سواءً بالاغتسال بالماء البارد أو وضع ثوب مبلول بالماء على جسده أو المضمضة، و ليحذر من الغرغرة. ‏

هذا ما تيسّر ذكره فيما يباح للصائم، أسأل الله تعالى أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يختم لنا بالخير، والعتق من النيران.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

 


1 –  موطأ مالك – (ج 2 / ص 366 – 577)وصححه الألباني في  مشكاة المصابيح – (ج 1 / ص 454)

 2011 –  13

2 – صحيح مسلم – (ج 5 / ص 416 – 1861)

3 – سنن أبي داود – (ج 6 / ص 346 – 2037) ومسند أحمد – (ج 1 / ص 136 – 132) وصححه الألباني في صحيح أبي داود – (ج 5 / ص 385)

4 – صحيح البخاري – (ج 7 / ص 28 – 1802)

5 – صحيح البخاري – (ج 7 / ص 15 – 1796) وصحيح مسلم – (ج 5 / ص 420 – 1864).

8 – صحيح البخاري – (ج 7 / ص 13).