وقفات للنساء في رمضان
الحمد لله رب العالمين، ولاعدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أما بعد:
فهذه كلمات وجيزة, ونداءات غالية، نهديها إلى المرأة المسلمة، والفتاة المؤمنة؛ بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، نسأل الله أن ينفع بها كل من قرأتها من أخواتنا المؤمنات, وأن تكون عوناً لهن على طاعة الله – تعالى -، والفوز برضوانه ومغفرته في هذا الشهر العظيم.
الوقفة الأولى: رمضان نعمةٌ يجب أن تشكر:
أختاه: إن شهر رمضان من أعظم نعم الله – تعالى – على عباده المؤمنين, فهو شهر تتنزل فيه الرحمات, وتغفر فيه الذنوب والسيئات, وتضاعف فيه الأجور والدرجات, ويعتق الله فيه عباده من النيران قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة, وغلقت أبواب جهنم, وسُلْسِلت الشياطين))1، وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه, ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))2، وقال – تعالى – في الحديث القدسي: ((كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به))3، وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((إن لله في كل يوم وليلة عتقاء من النار في شهر رمضان, وإن لكل مسلم دعوة يدعو بها فيستجاب له))4.
وفي هذا الشهر المبارك ليلة القدر التي قال عنها سبحانه – وتعالى-: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}5.
فيا أختي المسلمة هذه بعض فضائل هذا الشهر الكريم، وهي تبين عظم نعمة الله – تعالى- عليك بأن آثرك على غيرك، وهيأك لصيامه وقيامه, فكم من الناس صاموا معنا رمضان الغابر وهم الآن بين أطباق الثرى مجندلين في قبورهم، فاشكري الله على هذه النعمة، ولا تقابليها بالمعاصي والسيئات فتزول وتذهب، ولقد أحسن القائل:
إذا كنت في نعمة فارعــها فإن المعاصي تزيل النعــم
وحُطْها بطاعة رب العبــاد فربُّ العباد ســريع النِّقم
الوقفة الثانية: كيف تستقبلين رمضان؟
1- بالمبادرة إلى التوبة الصادقة كما قال – سبحانه -: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جميعا أيها الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}6.
2 – بالتخلص من جميع المنكرات من كذب وغيبة، ونميمة وفحش، وغناء وتبرج، واختلاط.. وغير ذلك.
3 – بعقد العزم الصادق والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة، وعدم تضييع أوقاته الشريفة فيما لا يفيد.
4 – بكثرة الذكر والدعاء، والاستغفار وتلاوة القرآن.
5 – بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها, وتأديتها بتؤدة وطمأنينة وخشوع.
6 – بالمحافظة على النوافل بعد إتيان الفرائض.
الوقفة الثالثة: تعلمي أحكام الصيام:
يجب على المسلمة أن تتعلم أحكام الصيام وفرائضه، وسننه وآدابه حتى يصح صومها، ويكون مقبولاً عند الله – تعالى -، وهذه نبذة يسيرة في أحكام صيام المرأة:
1- يجب الصيام على كل مسلمة بالغة عاقلة مقيمة – غير مسافرة -، قادرة – غير مريضة-، سالمة من الموانع كالحيض والنفاس.
2- إذا بلغت الفتاة أثناء النهار لزمها الإمساك بقية اليوم؛ لأنها صارت من أهل الوجوب, ولا يلزمها قضاء ما فات من الشهر؛ لأنها لم تكن من أهل الوجوب.
3- تشترط النية في صوم الفرض, وكذا كل صوم واجب كالقضاء والكفارة لحديث: ((لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل))7، فإذا نوت الصيام في أي جزء من أجزاء الليل ولو قبل الفجر بلحظة صح الصيام.
4- مفسدات الصوم سبعة:
أ- الجماع ب- إنزال المني بمباشرة أو ضم أو تقبيل ج- الأكل والشـــرب، د- ما كان بمعنى الأكل والشرب كالإبرة المغذية، هـ – إخراج الدم بالحجامة والفصد، و- التقيؤ عمداً ز- خروج دم الحيض أو النفاس.
5- الحائض إذا رأت القصة البيضاء – وهو سائل أبيض يدفعه الرحم بعد انتهاء الحيض – التي تعرف بها المرأة أنها قد طهرت؛ فإنها تنوي الصيام من الليل وتصوم, وإن لم يكن لها طهر تعرفه احتشت بقطن ونحوه, فإذا خرج نظيفاً صامت، وإن رجع دم الحيض أفطرت.
6- الأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها، وترضى بما كتبه الله عليها، ولا تتعاطى ما تمنع به الحيض فإنه شيء كتبه الله على بنات آدم.
7- إذا طهرت النفـساء قبل الأربعين صامت واغتسلت للصلاة, وإذا تجاوزت الأربعين نوت الصيام إذا طهرت، واغتسلت وتعتبر ما استمر استحاضة؛ إلا إذا وافق وقت حيضها المعتاد فهو حينئذٍ حيض.
8- دم الاستحاضة لا يؤثر في صحة الصيام.
9- الراجح قياس الحامل والمرضع على المريض, فيجوز لهما الإفطار، وليس عليهما إلا القضاء لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة, وعن الحامل والمرضع الصوم))8.
10- لا بأس للصائمة بتذوق الطعام للحاجة, ولكن لا تبتلع شيئاً منه, بل تمجُّه وتخرجه من فيها, ولا يفسد بذلك صومها.
11- يستحب تعجيل الفطر قبل صلاة المغرب, وتأخير السحور قال – صلى الله عليه وسلم -: (( لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر))9.
فهذه بعض الوقفات اليسيرة للنساء في شهر رمضان، نسأل الله أن ينفع بها، ويرزقنا العمل والاجتهاد في هذا الشهر.
والحمد لله رب العالمين.