تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فإنَّ من صفات النبي ﷺ في الكتب السابقة، وعلى ألسنة الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – أنه الذي يحل الطيبات، ويحرم الخبائث، وهذا تشريع عام في المآكل والمشارب، والملابس، والعادات وغير ذلك .. وهذه قاعدة كبيرة تحافظ على كل طيب، وتنفي كل خبيث، كما أنها معتمد لكل ما جدّ وطرأ ليقاس بمقياسها الصحيح، وهذا من كمال هذه الشريعة، ومن عناصر البقاء، والخلود فيها.
وقد جاءت نصوص كثيرة تبين أن المحرمات معدودة ومحصورة، وأما المباحات فمسكوت عنها رحمة بنا، ولكثرتها؛ فمن هذه النصوص ما جاء في الحديث المتفق عليه: عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أنه سمع رسول الله ﷺ يقول عام الفتح وهو بمكة: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام ، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة، فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا، هو حرام ، ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك: قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه؛ فأكلوا ثمنه.
غريب الحديث:
“عام الفتح” هو فتح مكة، وكان في السنة الثامنة من الهجرة في شهر رمضان.
“حرَّم” بإعادة الضمير إلى الواحد تأدباً مع الله تعالت عظمته، وتفرد بالإجلال.
“الميتة” ما ماتت حتف أنفها، أو ذُكتْ ذكاة غير شرعية.
“الأصنام” مفرده “صنم” وهو “الوثن” المتخذ من الأحجار وغيرها على هيئة مخصوصة للعبادة.
“أرأيت شحوم الميتة؟” أي أخبرني عن حكم بيع شحوم الميتة، فهل يحل مع وجود هذه المنافع فيها؟
“يطلى” أي يدهن، و”يستصبح بها الناس” أي يستضيئون به، حين يجعلونه في المصابيح وهي السرج.
“هو حرام” الضمير يعود على البيع.
“قاتل الله اليهود” لعنهم الله لما ارتكبوه من هذه الحيلة الباطلة.
“شحومها” شحوم الميتة أو شحوم البقر والغنم؛ كما أخبر تعالى بقوله: وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا (سورة الأنعام:146).
“جَمَلوه” أي أذابوه، واستخرجوا دهنه، و”الجميل” الشحم المذاب.
المعنى الإجمالي:
جاءت الشريعة الإسلامية السامية بكل ما فيه صلاح للبشر، وحذّرت من كل ما فيه مضرة تعود على العقول، والأبدان، والأديان فأباحت الطيبات وهى أغلب ما خلق الله في الأرض لنا، وحرمت الخبائث، ومن تلك الخبائث المحرمة هذه الأشياء الأربعة المعدودة في هذا الحديث، فكل واحد منها يشار به إلى نوع من المضار.
فالخمر: وهي كل ما أسكر وخامر العقل هي أم الخبائث، التي بها تزول عن الإنسان نعمة العقل التي كرَّمهْ الله بها، ويأتي في حال سكره ولهوه بأنواع المنكرات والعظائم، وإشاعة العداوة والبغضاء بين المسلمين، والصد عن الخير، وعن ذكر الله.
ثم ذكر الميتة التي لم تمت – غالباً – إلا بعد أن تسممت بالمايكروبات، والأمراض، أو احتقن دمها في لحمها فأفسده، فأكلها مضرة كبيرة على البدن، وهدم للصحة، ومع هذا فهي جيفة خبيثة، نتنة نجسة، تعافها النفوس، ولو أكلت مع إكراهها والتقزز منها لصارت مرضاً على مرض، وبلاء مع بلاء.
ثم ذكر أخبث الحيوانات، وأكرهها، وأبشعها؛ وهو الخنزير الذي يحتوى على أمراض ومايكروبات لا تكاد النار تقتلها أو تزيلها، فضرره عظيم، ومفاسده متعددة، ومع هذا فهو قذر نجس.
ثم ذكر ما فيه الضرر الأكبر، والمفسدة العظمى؛ وهى الأصنام التي هي ضلال البشرية وفتنتهم، وهي التي بها حورب الله – تعالى -، وأشركت في عبادته وحقه على خلقه، فهي مصدر الضلال، ومحط الفتنة، وما أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب؛ إلا لمحاربتها، وإنقاذ الناس من شرها، فكم فتن بها من خلائق، وكم ضل بها من أمم، وكم استوْجبَتْ النار بها.
فهذه الخبائث عناوين المفاسد والمضار التي تعود على العقل، والبدن، والدين، فهي أمثلة لاجتناب كل خبيث، وصيانة لما يفسد العقول، والأبدان، والأديان، فاجتنابها وقاية من أنواع المفاسد1.
فائدتان مهمتان:
الفائـدة الأولى:
قال ابن القيم – رحمه الله – في هذا الحديث: “اشتملت هذه الكلمات الجوامع على تحريم ثلاثة أجناس: مشارب تفسد العقول، ومطاعم تفسد الطباع، وتغذي غذاء خبيثاً، وأعيان تفسد الأديان، وتدعو إلى الفتنة والشرك.
فصان بتحريم النوع الأول العقول عما يزيلها ويفسدها، وبالثاني: القلوب عما يفسدها من وصول أثر الغذاء الخبيث إليها، والغاذي شبيه بالمغتذي، وبالثالث: الأديان عما وضع لإفسادها، فتضمن هذا التحريم صيانة العقول، والقلوب، والأديان.
ولكن الشأن في معرفة حدود كلامه – صلوات الله عليه -، وما يدخل فيه وما لا يدخل فيه؛ لتستبين عموم كلماته، وجمعها، وتناولها لجميع الأنواع التي شملها عموم كلماته وتأويلها بجميع الأنواع التي شملها عموم لفظه ومعناه، وهذه خاصية الفهم عن الله ورسوله ﷺ التي تفاوت فيه العلماء مما يؤتيه الله من يشاء.
فأما تحريم بيع الخمر: فيدخل فيه تحريم بيع كل مسكر مائعاً كان أو جامداً، عصيراً أو مطبوخاً، فيدخل فيه عصير العنب، وخمر الزبيب، والتمر، والذرة، والشعير، والعسل، والحنطة، واللقمة الملعونة لقمة الفسق، والقلب التي تحرك القلب الساكن إلى أخبث الأماكن، فإن هذا كله خمر بنص رسول الله ﷺ الصحيح الصريح الذي لا مطعن في سنده، ولا إجمال في متنه إذ صح عنه قوله: كل مسكر خمر2، وصح عن أصحابه الذين هم أعلم الأمة بخطابه، ومراده: أنَّ الخمر ما خامر العقل، فدخول هذه الأنواع تحت اسم الخمر كدخول جميع أنواع الذهب والفضة، والبر والشعير، والتمر والزبيب تحت قوله: لا تبيعوا الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح؛ إلا مثلاً بمثل3، فكما لا يجوز إخراج صنف من هذه الأصناف عن تناول اسمه له؛ فهكذا لا يجوز إخراج صنف من أصناف المسكر عن اسم الخمر، فإنه يتضمن محذورين أحدهما: أن يخرج من كلامه ما قصد دخوله فيه، والثاني: أن يشرع لذلك النوع الذي أخرج حكم غير حكمه فيكون تغييرا لألفاظ الشارع ومعانيه، فإنه إذا سمى ذلك النوع بغير الاسم الذي سماه به الشارع أزال عنه حكم ذلك المسمى، وأعطاه حكماً آخر، ولما علم النبي ﷺ أن من أمته من يبتلى بهذا قال: ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها4 قضى قضية كلية عامة لا يتطرق إليها إجمال، ولا احتمال، بل هي شافية كافية فقال: كل مسكر خمر.
وأما تحريم بيع الميتة: فيدخل فيه كل ما يسمى ميتة سواء ماتت حتف أنفها، أو ذكيت ذكاة لا تفيد حلها، ويدخل في أبعاضها أيضاً، ولهذا استشكل الصحابة تحريم بيع الشحم مع ما لهم فيه من المنفعة، فأخبرهم النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه حرام، وإن كان فيه ما ذكروا من المنفعة.
وأما تحريم بيع الخنزير فيتناول جملته، وجميع أجزائه الظاهرة والباطنة، وتأمل كيف ذكر لحمه عند تحريم الأكل إشارة إلى تحريم أكله، ومعظمه اللحم، فذكر اللحم تنبيهاً على تحريم أكله دون ما قبله، بخلاف الصيد فإنه لم يقل فيه: وحرم عليكم لحم الصيد، بل حرم نفس الصيد ليتناول ذلك أكله، وقتله، وهاهنا لما حرم البيع ذكر جملته ولم يخص التحريم بلحمه ليتناول بيعه حياً وميتاً.
وأما تحريم بيع الأصنام فيستفاد منه تحريم بيع كل آلة متخذة للشرك على أي وجه كانت، ومن أي نوع كانت صنماً أو وثناً أو صليباً، وكذلك الكتب المشتملة على الشرك وعبادة غير الله، فهذه كلها يجب إزالتها، وإعدامها، وبيعها ذريعة إلى اقتنائها واتخاذها، فهو أولى بتحريم البيع من كل ما عداها؛ فإن مفسدة بيعها بحسب مفسدتها في نفسها، والنبي ﷺ لم يؤخر ذكرها لخفية أمرها، ولكنه تدرج من الأسهل إلى ما هو أغلظ منه، فإن الخمر أحسن حالاً من الميتة فإنها قد تصير مالاً محترماً إذا قلبها الله سبحانه ابتداء خلاً، أو قلبها الآدمي بصنعته عند طائفة من العلماء، وتضمن إذا أتلفت على الذمي عند طائفة بخلاف الميتة، وإنما لم يجعل الله في أكل الميتة حداً اكتفاء بالزاجر الذي جعله الله في الطباع من كراهتها، والنفرة عنها، وإبتعادها عنها، بخلاف الخمر، والخنزير أشد تحريماً من الميتة؛ ولهذا أفرده الله – تعالى – بالحكم عليه أنه رجس في قوله: قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا (سورة الأنعام:145)، فالضمير في قوله: فَإِنَّهُ وإن كان عوده إلى الثلاثة المذكورة باعتبار لفظ المحرم فإنه يترجح اختصاص لحم الخنزير به لثلاثة أوجه أحدها: قربه منه، والثاني: تذكيره دون قوله فإنها رجس، والثالث: أنه أتى بالفاء وإن تنبيها على علة التحريم لتزجر النفوس عنه، ويقابل هذه العلة ما في طباع بعض الناس من استلذاذه، واستطابته، فنفى عنه ذلك، وأخبر أنه رجس، وهذا لا يحتاج إليه في الميتة، والدم؛ لأن كونهما رجساً أمر مستقر معلوم عندهم؛ ولهذا في القرآن نظائر فتأملها، ثم ذكر بعد تحريم بيع الأصنام وهو أعظم تحريماً وإثماً، وأشد منافاة للإسلام من بيع الخمر، والميتة، والخنزير5، والله أعلم.
الفائدة الثانية:
قوله: إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه قال ابن رجب – رحمه الله -: “وهذه كلمة عامة جامعة تطَّرد في كل ما كان المقصود من الانتفاع به حراماً، وهو قسمان: أحدهما ما كان الانتفاع به حاصلاً مع بقاء عينه كالأصنام، فإن منفعتها المقصودة منها الشرك بالله، وهو أعظم المعاصي على الإطلاق، ويلتحق بذلك ما كانت منفعته محرمة ككتب الشرك، والسحر، والبدع، والضلال، وكذلك الصور المحرمة، وآلات الملاهي المحرمة كالطنبور، وكذلك شراء الجواري للغناء.
والقسم الثاني: ما لا ينتفع به مع إتلاف عينه، فإذا كان المقصود الأعظم منه محرماً فإنه يحرم بيعه كما يحرم بيع الخنزير، والخمر، والميتة؛ مع أن في بعضها منافع غير محرمة كأكل الميتة للمضطر، ودفع الغصة بالخمر، وإطفاء الحريق به، والخرز بشعر الخنزير عند قوم، والانتفاع بشعره وجلده عند من يري ذلك، ولكن لما كانت هذه المنافع غير مقصودة لم يعبأ بها، وحرم البيع، ولكن المقصود الأعظم من الخنزير، والميتة أكلها، ومن الخمر شربها، ولم يلتفت إلى ما عدا ذلك، وقد أشار ﷺ إلى هذا المعنى لما قيل له: أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلي بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا، هو حرام6.
بعض الفوائد المستفادة من الحديث:
1. تحريم بيع الخمر، وعمله، وما يعينها عليه، وشربه، أو التداوي به، ويدخل في مسمى الخمر كل مسكر سائلاً أو جامداً، أُخذَ من أي شيء سواء أكان من عنب، أم تمر، أم شعير، ومثله: الحشيش، والأفيون، والدخان، والقات7، فكلها خبائث محرمة.
2. حرمت لما فيها من المضار الكبيرة، والمفاسد العظيمة على العقل، والدين، والبدن، والمال، وما تجره من الشرور، والعداوات، والجنايات، إلى غير ذلك من مفاسد لا تخفى.
3. تحريم الميتة: لحمها، وشحمها، ودمها، وعصبها، وكل ما تسري الحياة فيه من أجزائها، وحُرمت لما فيها من المضرة على البدن، ولما فيها من الخبث والقذارة والنجاسة، فهي كريهة خبيثة، ومن أجل هذه المضار، وانتفاء المصالح؛ حَرُمَ بيعها.
4. تحريم بيع الخنزير، ويحرم أكله، وملامسته، وقربه، فهو من الخبائث التي هي مفسدة محضة، لا مصلحة فيها، فضرره على البدن والعقل عظيم؛ لأنه يسمم الجسد بأمراضه، ويورث آكله من طباعه الخبيثة، وهو مشاهد في الأمم التي تأكله، فقد عرفوا بالبرودة.
5. تحريم بيع الأصنام لما تجره من شر كبير على العقل، والدين؛ باتخاذها، وترويجها، محادة لله – تعالى -، ومن ذلك الصليب الذي هو شعار النصارى، والتماثيل التي تصنع للزعماء، والوزراء، ومنها أيضا هذه الصور التي تظهر في المجلات، والصحف ولا سيما الصور الخليعة العارية الماجنة التي فتنت الشباب، وأثارت غرائزهم الجنسية، ومنها الأفلام السينمائية خصوصا المناظر الماجنة السافرة عن الدعارة، والفجور، فهذه كلها شر لا خير فيه، ومفسدة لا مصلحة فيها، ولكن ألف الناس المنكر، حتى صار معروفاً – فالله المستعان -.
6. أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. لا سيما إذا كانت المفاسد أرجح من المصالح. فإن مصالح شحوم الميتة لم تبح بيعها، والمعاملة به، ولذا – لما عددوا له منافعها لعلها تسوغ بيعها – قال: لا، هو حرام.
7. استعمال النجاسة على وجه لا يتعدى لا بأس به، فإنه لم ينههم عنه لما أعلموه به، والضمير في قوله: هو حرام راجع إلى البيع لا إلى الاستعمال.
8. أن التحايل على محارم الله سبب لغضبه ولعنه، فإن من يأتي الأمر عالماً تحريمه؛ أخف ممن يأتيه متذرعاً إليه بالحيل؛ لأن الأول معترف بالاعتداء على حدود الله، ويرجى له الرجوع والاستغفار، وأما الثاني: فهو مخادع لله – تعالى -، وبحيلته هذه سيصر على آثامه، فلا يتوب، فيكون محجوبا عن الله – تعالى -.
9. أن الحيل هي سنة اليهود المغضوب عليهم.
10. أن حبهم للمادة قديم حملهم على الحيل، ونقض العهود، وغشيان المحرمات، ولا يزالون في غيهم يعمهون – شتت الله شملهم -، فلما ذكر لهم النبي ﷺ تحريم هذه الأشياء ذكروا له منافع في شحم الميتة يأتونها لعله يستثنى تحريمها من هذه الأشياء المحرمة لهذه المنافع المقصودة، فقال: لا تبيعوها فإن بيعها حرام لا تسوغه هذه المنافع، ولم ينههم عن استعمالها فيما ذكروه، ثم من كان رأفته، ونصحه بأمته؛ حذرهم مما وقع فيه اليهود من استحلال المحرمات بالحيل الدنيئة السافرة لئلا يقعوا مثلهم فيما يشبهها، فدعا على اليهود باللعن ليشعر أمته عظيم جريمتهم بارتكاب الحيل، وبيَّن لهم أنه – تعالى – لما حرم على اليهود الشحوم؛ عمدوا – من مخادعتهم الله تعالى، وعبادتهم للمادة – إلى أن أذابوا الشحم المحرم عليهم كله وباعوه، وأكلوا ثمنه، وزعموا بهذا أنهم لم يرتكبوا معصيته فهم لم يأكلوا الشحم وإنما أكلوا ثمن الشحم، وهذا هو التلاعب بأوامر الله – تعالى – ونواهيه، والاستخفاف بأحكامه وحدوده، ولقد أصابنا ما أصابهم من ارتكاب الحيل، ومخادعة الله – تعالى- مصداقاً لقوله ﷺ : لَتَركبُن سنن مَنْ كَان قبلكُم حَذوَ القُذةِ يالقُذةِ، حَتى لَو دخَلوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلتُمُوهُ 8.
11. تحريم الحيل، وأنها لا تغير الحقائق، ولو سميت الأشياء بغير أسمائها، وأزيلت بعض صفاتها.
12. أن الشرع جاء بكل ما فيه الخير، والحذر من كل ما فيه شر، أو رجح شره على خيره.
13. أن المحرمات المعدودة في الحديث نماذج لأنواع الخبائث المحرمة التي يعود ضررها على الدين، أو العقل، أو البدن، أو الطباع والأخلاق، فكأن هذا الحديث سيق لبيان أنواع الخبائث9.
والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
1 تيسير العلام شرح عمدة الأحكام للشيخ البسام.
2 رواه مسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، عن ابن عمر .
3 رواه مسلم.
4 رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وغيرهم. وهو حديث صحيح.
5 زاد المعاد (5 /660-675).
6 يراجع: جامع العلوم والحكم، صـ(415).
7 القات من الأمور المختلف فيها، وقد أتى كل من العلماء بدليل تحريمه، أو إباحته، لأن ما يذكره أهل التحريم لذاته لم يثبت عند غيرهم ممن أباحوه أو قالوا فيه الكراهة، وأكثر ما قيل في تحريم القات لأمور خارجة عن ذاته وهي من نتائج تناوله.. وفي الحقيقة فهو لا يمكن قياسه على الحشيشة، والأفيون، والخمر، فهذه ظاهرة التخدير والإسكار، والقات فيه مضار غير مضار الخمر، والمخدرات، ولكن لا يقل حكمه عن الكراهة.
8 رواه البخاري ومسلم.
9 الفوائد من كتاب “تيسير العلام شرح عمدة الأحكام”. للشيخ عبد الله البسام.