تعاون أهل الحي في إصلاح ما تلف من أدوات المسجد

تعاون أهل الحي في إصلاح ما تلف من أدوات المسجد

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن للمساجد أهمية بالغة في حياة كل مسلم؛ لأنها تمثل الغذاء الروحي للمسلمين، وزاداً لكل من ينتمي لهذا الدين، فالمساجد هي الشعلة التي يستضاء بها، وصمام أمان للأمة، ومنبعاً صافياً يستزيد منه كل إنسان، يبرز كل هذا وغيره من خلال حياة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – حيث أن أول عمل قام بعد الهجرة هو بناؤه للمسجد؛ لإيجاد أرضية خصبة، وحصن منيع يتخرج منه الدعاة، ويتعلمون أحكام الدين، ويتعرفون على آدابه؛ ليعرف العبد ما يحل له وما يحرم عليه.

وقد كانت وما زالتِ المساجد مصدر إشعاع في العالم الإسلامي قديمه وحديثه، ففي عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – كان المسجد مدرسة تخرَّج فيها علماء وقادة، وفيه كان يعقد ألوية جيوشه التي نشرت الإسلام في ربوع الجزيرة العربية، وكذلك كان الخلفاء الراشدون يفعلون.

والمساجد إنما بنيت لذكر الله، وإقامة الصلاة، ولتعليم الناس أمور دينهم، ولهذا لابد أن تصان ويحافظ عليها؛ لتتناسب مع الأغراض التي بنيت من أجلها، وليوافق قدسيتها، ومن صيانتها إصلاح ما يتلف من أدواتها؛ لأن ذلك من عمارة المساجد، ولا يعمر المساجد ويحافظ عليها إلا المؤمنون: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ}1، وهذا هو المطلوب من جميع المسلمين أن يولوا جلَّ اهتمامهم بالمساجد، وأن يحافظوا عليها، وإليك أخي الكريم بعض الخواطر والأفكار التي من خلالها نستطيع أن نقيم مساجدنا، ونصونها ونحافظ عليها:

أولاً: يجب أن يعلم كل مسلم أن المساجد لها قدسية عظيمة، وأن عليه المحافظة عليها نظيفة، وما تلف منها عليه أن يعمل على إعادته، وكل هذا داخل في عموم قول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -: ((مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ))2.

ثانياً: على الأنظمة والحكومات أن تعيد أوقاف المساجد المفقودة، وهي كفيلة بتلبية احتياجات المساجد من ترميم، وإصلاح ما تلف … الخ.

ثالثاً: على أهل الحي أن يقيموا صندوق صدقات المسجد، من خلاله يجمع التبرعات لصالح المسجد، وعلى الناس التفاعل الجاد في هذا الموضوع.

رابعاً: في حال عدم وجود أوقاف للمسجد فإن على الأفراد أن يسعوا إلى إيجاد مشاريع استثمارية يرجع عوائدها لصالح المساجد، وهذه الخطوة ستحقق في وقت واحد:

         أ‌-        الحفاظ على ما تلف من أدوات المسجد، وإعادة ترميمه.

      ب‌-      إيجاد فرص عمل لبعض الشباب الذين يعانون من البطالة.

      ت‌-      كفالة أنشطة المسجد كالتحفيظ ونحوه.

هذه بعض ما ستحققه المشاريع التي ترجع عوائدها إلى المسجد.

خامساً: على أهل الحي – وبخاصة الحرفيين – أن يعملوا من تلقاء أنفسهم على إصلاح ما تلف من أدوات المسجد كل حسب مجاله، ودون انتظار أجر مادي، بل أن يحتسب ما عند الله من الأجر والثواب.

من خلال هذه النقاط نستطيع الحفاظ على أدوات المسجد، والحفاظ على المسجد، وإبرازه على الوجه المطلوب.

أسأل الله – عز وجل – أن يعيد للمسجد مكانتها، وأن يهدي أبناء المسلمين للحفاظ على المساجد، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.


 


1 سورة التوبة (18).

2 البخاري (431)، ومسلم (828).