ضياع الوقت في رمضان

ضياع الوقت في رمضان

ضياع الوقت في رمضان

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، وعلى آله وأصحابه والتابعين. أما بعد:

أيها الصائمون: يعتبر الوقت رأس مال الإنسان، فهو فترة بقائه في هذه الدنيا؛ لذلك اعتنى الإسلام بالوقت وجعل المؤمن مسئولاً عن وقته يوم القيامة. وقد جاءت شرائع الإسلام لتعين الإنسان على ترتيب وقته وإحسان استغلاله وذلك بالموازنة بين حاجاته الحياتية والمعيشية من جانب، وحاجاته الروحية والعبادية من جانب آخر، وقد حث الإسلام المؤمن على استثمار وقته وإعماره بالخير والعمل الصالح ولا سيما ونحن في شهر رمضان، شهر عظم الله أوقاته، ففيه السوق قائمة، والربح وفير، والأجر في ازدياد، فهو خير الشهور، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم، ولله عز وجل في كل ليلة من ليالي رمضان عتقاء من النار وذلك هو الفوز العظيم، فحري بكل مسلم أن يحسن استغلال لحظات هذا الشهر العظيم؛ حتى يحجز لنفسه مقعدًا في جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.

أخي المسلم: هاهي الأيام تمر مر السحاب، وأيام هذا الشهر الكريم تتصرم يوماً بعد يوم، وكلما مر يوم مر بعضك، فبادر باستغلال شهر رمضان قبل أن لا تجده بعد عامنا هذا.

والغبن كل الغبن فيمن ضيع أوقات هذا الشهر الكريم، فيمن مزق أيامه ولياليه، فكثير من الناس تراهم في رمضان يضيعون الساعات الطويلة في السهر الذي لا يفيد وربما يضر، بل الكثير منهم يسهرون الليل بالكامل، ولا ينبغي مثل هذا لمسلم، فإنه ينبغي للمسلم أن يجعل له ساعات في ليله للنوم والراحة، وبقية الوقت فيما ينفع.

ومن شباب الإسلام من يكثر القعود في مجالس اللغو، فتجدهم يجتمعون بعد التراويح على سهرات دورية، يتبادلون فيها الأحاديث، وربما كثر في مجالسهم اللغو، والهزل، والضحك، بل ربما وقعوا في الغيبة والنميمة، وقول الزور… ونحوه، وهذا كله لا يليق بالشباب المسلم الذي تئن جوارحه في كل مكان، وفي هذا الشهر على وجه الخصوص، وإنه لحرمان أن يعمل العبد شيئًا من الحسنات، ثم ينبري لإتلافها بالمعاصي والآثام.

وأما عن الوقوف أمام شاشات القنوات، فحدث ولا حرج، حيث يشهد شهر رمضان بثا إعلاميا فاسداً لا تشهده باقي أيام السنة ، وكأن الأباليس يتعمدون طمس الأثر الإيماني الذي يغلف قلوب المسلمين خلال نهار رمضان ، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}[لقمان: 6]، وفعلا هذا حال الإعلام العربي في رمضان المبارك.

لقد شمر أعوان إبليس عن ساعد الباطل، في وقت حبس الله فيه مردة الشياطين وصفدوا.

فكثير من شباب وشابات المسلمين يقفون أما قنوات الشاشات التلفزيونية الساعات الطويلة لمشاهدة البرامج والمسلسلات والمسابقات والفوازير الرمضانية، والتي فيها من طمس معالم ديننا الكثير، وظهور النساء فيها عاريات عن الملابس، وقبلها قد تعرين من الحياء بل من الدين.

بينما كان سلفنا الصالح يحيون لياليهم بالقيام وتلاوة القرآن وشيء من الراحة والنوم، ونهارهم بالصيام والطاعات وزيارة الأرحام.

فهذه هي همم شباب اليوم، وهذه هي منجزات الحضارة المأزومة التي يدعيها منافقو العصر ومفكروه.

فيا شباب الإسلام، ويا أيها الآباء، ويا ولاة الأمور: اتقوا لله فيمن استرعاكم الله وأتمنكم عليهم، واحذروا أن تكونوا من معاول أعداء الإسلام في هدم الإسلام، فإنه لا يليق بكم كمسلمين فعل هذه الأشياء.

ويا أيها المسؤلون عن إعلام المسلمين: اتقوا الله في شباب المسلمين، وخير لكم أن تكونوا –في برامجكم الرمضانية- داعين الناس إلى الفضيلة والتعاليم القيمة مما ورثناه عن نبينا عليه الصلاة والسلام من كتاب الله تعالى ومن سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

فالحذر أخي المسلم من ضياع وقتك في رمضان بغير ما ينفعك عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.

اسأل لله تعالى بمنه وكرمه أن يعيد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً، وأن يهدي شباب المسلمين إلى العمل الصالح والعلم النافع، وإنا لله وإنا إليه راجعون.