الألبسة المحرمة
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وإمامنا، وحبيبنا وقدوتنا، وقرة أعيننا محمد بن عبدالله، وعلى آله، وصحابته، ومن سار على دربه إلى يوم الدين، أما بعد:
من أهم ما بعث به رسول الله ﷺ إتمام مكارم الأخلاق، وترسيخ محاسن العادات بين الأفراد والشعوب فعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق1.
والتستر بالثياب والحياء من التعري أمر مركوز عليه في فطرة الإنسان وطبعه، ويعتبر اللباس من نعم الله علينا، حيث أشار الله – تعالى – إلى ذلك بقوله: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ2.
غير أن الله حرَّم علينا بعض الألبسة لحكمة منه ، والحديث في هذا الدرس عن الألبسة المحرمة فنقول وبالله التوفيق: لقد بيَّن رسول الله ﷺ لأمته ما لا يجوز لهم من اللباس بياناً ظاهراً واضحاً، ومن ذلك لباس ما يختص بالكفار سواء كان لباساً شاملاً للجسم كله، أو لعضو منه، فكل لباس يختص بالكفار ولا يلبسه غيرهم فإنه لا يجوز للمسلم لبسه فعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ3، فإن التشبه بهم يقتضي شعور المتشبه بأنهم أعلى منه، فيعجب بهم وبصنيعهم حتى يؤدي به ذلك إلى إعجابه بعقائدهم، وأعمالهم.
ومن اللباس المحرم لباس الرجل ما يختص بالمرأة، ولباس المرأة ما يختص بالرجل، فكل لباس يختص بالرجل سواء كان شاملاً لجميع الجسم كالقميص، أم مختصاً بعضو منه كالسراويل والحذاء وغيرها؛ فلا يجوز للمرأة أن تلبسه، وكل لباس يختص بالمرأة فإنه لا يجوز للرجل لبسه، لأن النبي ﷺ لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: لعن رسول الله ﷺ المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال4.
ومن اللباس المحرم على الرجال لبس الحرير، وما حلِّي بذهب أو فضة، نسجاً أو طرزاً على الذكور دون الإناث، في الصلاة وغيرها، وقد كان لبس الحرير جائزاً من قبل لكنه حُرِّم بعد ذلك فعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: ((قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَقْبِيَةً وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ مِنْهَا شَيْئاً، فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَقَالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي!! قَالَ: فَدَعَوْتُهُ لَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، فَقَالَ: خَبَأْنَا هَذَا لَكَ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: رَضِيَ مَخْرَمَة))5، وعن وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: إِنَّكَ بِسَعْدٍ أَشْبَهُ، ثُمَّ بَكَى وَأَكْثَرَ الْبُكَاءَ فَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى سَعْدٍ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَيْشاً إِلَى أُكَيْدِرَ دُومَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِجُبَّةٍ مِنْ دِيبَاجٍ مَنْسُوجٍ فِيهِ الذَّهَبُ، فَلَبِسَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ جَلَسَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْمِسُونَ الْجُبَّةَ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَتَعْجَبُونَ مِنْهَا؟ قَالُوا: مَا رَأَيْنَا ثَوْباً قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِمَّا تَرَوْنَ 6، وقد دل على حرمة لبس الحرير والذهب عدة أحاديث منها حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: ((أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَرُّوجُ حَرِيرٍ؛ فَلَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعاً شَدِيداً كَالْكَارِهِ لَهُ، وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ7، وعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حُلَّةُ سِيَرَاءَ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيَّ فَلَبِسْتُهَا، فَعَرَفْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتُشَقِّقَهَا خُمُراً بَيْنَ النِّسَاء8، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْهَا حُلَلٌ؛ فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهَا حُلَّةً، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخاً لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكاً))9، وعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال: ((لَبِسَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْماً قَبَاءً مِنْ دِيبَاجٍ أُهْدِيَ لَهُ، ثُمَّ أَوْشَكَ أَنْ نَزَعَهُ، فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ أَوْشَكَ مَا نَزَعْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ!! فَقَالَ: نَهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ، فَجَاءَهُ عُمَرُ يَبْكِي فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْتَ أَمْراً وَأَعْطَيْتَنِيهِ فَمَا لِي، قَالَ: إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهُ لِتَلْبَسَهُ إِنَّمَا أَعْطَيْتُكَهُ تَبِيعُهُ، فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ))10.
وقد دلت الأحاديث السابقة أن الحرير كان حلالاً للرجال ثم نسخ من الحل إلى الحرمة، وبقي حلالاً للنساء، ويدل على ذلك الأحاديث التالية:
عن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قال: ((أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ أَخَذَ حَرِيراً فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَباً فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي11، وعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: حُرِّمَ لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ12، وعَنْ أَبِي ذِبْيَانَ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ : مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ13، وعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّيِّ، وَالْإِسْتَبْرَقِ14.
ولعل الحكمة – والله تعالى أعلم – من التحريم على الذكور دون الإناث أن الحرير لباس رفاهية وزينة تليق بالنساء دون شهامة الرجال، وفي إباحته لهم مفسدة تشبه الرجال بالنساء، ولأن لبس الرجال الحرير أو ما خالط نسيجه أحد النقدين الذهب أو الفضة يورث الفخر، والعجب، والخيلاء، ولاسيما لدى ظهورهم في الطرقات؛ فحرم عليهم لتصبر النفس عنه، وتثاب على ذلك، ولها عنه عوض15. ومن اللباس المحرم لبس الرجال الذهب ففي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ، وَقَالَ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ، فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا آخُذُهُ أَبَداً وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ)16، وعن أبي سعيد الخدري أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ: إِنَّكَ جِئْتَنِي وَفِي يَدِكَ جَمْرَةٌ مِنْ نَارٍ17، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو – رضي الله عنهما – عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ شُرْبَهَا فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي وَهُوَ يَتَحَلَّى الذَّهَبَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِبَاسَهُ فِي الْجَنَّةِ18.
ومن اللباس المحرم لباس ما يقصد به الفخر والخيلاء من ثوب، أو سروال، أو نعل أو غيرها لأن النبي ﷺ نهى أن يفخر أحد على أحد، فيتظاهر بالرفعة والعلو عليه، وما يدري هذا المفتخر فلعل الأحوال تتغير فيحل محل من افتخر عليه في الفقر والإعواز، ويحل الثاني محله في الغنى والوجود ففي الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ؛ إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ19، وفي الحديث عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: من تعظم في نفسه، واختال في مشيته؛ لقي الله وهو عليه غضبان20. ومن اللباس المحرم إسبال الرجل سواء كان الثوب قميصاً أم سروالاً أو مشلحاً فعَنْ ابْنِ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ21، وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثَ مِرَاراً، قَالَ أَبُو ذَرٍّ : خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ22، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي النَّار23، وعَنْ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ، وَالْقَمِيصِ، وَالْعِمَامَةِ؛ مَنْ جَرَّ مِنْهَا شَيْئاً خُيَلَاءَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ24، وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: ((أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعَضَلَةِ سَاقِي أَوْ سَاقِهِ فَقَالَ: هَذَا مَوْضِعُ الإِزَارِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَلا حَقَّ لِلإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ25.
إن الرسول ﷺ إنما حذرنا من هذه الأشياء: الإسبال في اللباس، والتشبه بالنساء، ولبس الحرير، والتحلي بالذهب، ونهانا عن هذه الأشياء لنتخلق بكل معاني الرجولة، ونتصف بكامل المروءة؛ إذ العادة أنه لا يبالغ في الزينة والعناية بجسمه وثوبه، ومركوبه وفراشه، وأثاثه إلى درجة الإفراط؛ إلا مترف لين، والرجل خشن بطبعه، وكل ما تليَّن خفت رجولته، ونقصت ذكورته، وعجز عن الكفاح والكد، وما خلق له في معترك الحياة.
وقد كان النبي ﷺ يلبس البرد الغليظ الحاشية، ويفترش الحصير، ويتوسد الجلد حشوه الليف، ويركب البعير والفرس، والحمار والبغلة مرة بسرج، ومرة بلا سرج، ويردف خلفه وبين يديه، ويمشي المسافة الطويلة على رجليه، ويأكل ما تيسر من الطعام، ويأتدم بما تيسر من الإدام.
وقد قال – تعالى -: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً26، وقال – تعالى -: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ27.
نسأل الله أن نكون هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، والحمد لله رب العالمين.
1 أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين مع تعليقات الذهبي في التلخيص (2 /670) برقم (4221)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1 /12).
2 سورة الأعراف (26).
3 أخرجه أبو داود (4031)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2831).
4 صحيح البخاري (5546).
5 أخرجه البخاري (2599)، ومسلم (1058).
6 أخرجه الإمام أحمد بهذا اللفظ (11814) ، وأصل الحديث في البخاري (2616)، ومسلم (2468) بلفظ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ ﷺ جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا.
7 أخرجه الإمام البخاري (375)؛ ومسلم (2075).
8 أخرجه الإمام مسلم (2071).
9 أخرجه الإمام البخاري (886)، ومسلم (2068).
10 أخرجه الإمام مسلم (2070).
11 أخرجه الإمام النسائي (5144) ؛ وأبو داود (4057) وأحمد (937)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2 /224) رقم (2049).
12 أخرجه الإمام الترمذي (1720) وصححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1 /305)، وفي صحيح سنن الترمذي (4 /220).
13 أخرجه الإمام البخاري (5834)، ومسلم (2073).
14 أخرجه الإمام البخاري (1239)، ومسلم (2066).
15 زاد المعاد (3 /104)؛ وإعانة الطالبين (1 /75)؛ وسبل السلام (2 /174).
16 صحيح مسلم (2090).
17 سنن النسائي (5188)، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2 /226): صحيح لغيره.
18 رواه الإمام أحمد (6909)، وانظر صحيح الترغيب والترهيب (2 /226).
19 البخاري (5789)، ومسلم (2088).
20 أخرجه الإمام أحمد (5995) وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (1 /219).
21 أخرجه الإمام البخاري (5783).
22 أخرجه الإمام مسلم (106).
23 أخرجه الإمام البخاري (5787).
24 رواه أبو داود برقم (4085)، والنسائي برقم (5334)، وحسنه العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2 /220).
25 صحيح سنن الترمذي برقم (1783).
26 سورة الأحزاب (21)
27 سورة الحشر (7)