ظاهرة المجاهرة بالذنوب

ظاهرة المجاهرة بالذنوب

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله إله الأولين والآخرين، فاطر السماوات والأرضين، وديان يوم الدين {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}1، الحمد لله الذي تفرَّد بصفات الكمال، وخصال الجلال، وإليه المآل وهو الكبير المتعال، الحمد لله أرسل رسله {مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}2، بث في ملكوته آياته ليدل الناس على عظيم قدرته، وجلالة إرادته، وحكيم تدبيره، ثم قال لعباده: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ}3، لا إله إلا هو

وفي كل شيء له آية                تدل على أنه واحد

الحمد لله حذر عباده من معصيته، وأنذرهم عقيم عذابه، وأليم عقابه، فسبحانه لا يُعذِّب إلا بعدله، ولا يثيب إلا بفضله {إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}4، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عبده وابن عبده وابن أمته، ومن لا غنى له طرفة عين عن فضله ورحمته، ولا مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بعفوه ومغفرته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}5، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}6، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}7، أما بعد:

معاشر المسلمين: إنا والله لنخشى أن تنزل علينا صاعقة من السماء، أو يخسف الله بنا الأرض، أو يأتينا العذاب من حيث لا نشعر، ولو وقع ذلك – لا قدَّر الله – لما كان الله لعباده ظالماً، ولا لحقِّهم هاضماً {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}8.

وهذا – أيها الناس – بسبب ما نعيشه نحن المسلمين اليوم من بُعد عن الله – تعالى -، وغفلة عجيبة عن طاعته – تعالى -، وانتهاك صارخ لمحارمه، ولم يقف الحد عند هذا بل لقد تعدى الأمر بكثير من المسلمين إلى داهية كبرى، ومصيبة عظيمة، وقاصمة فاقرة؛ إنها داهية "المجاهرة بالمعاصي"، وعدم الحياء من الواحد الديان، والله المستعان!!

فلا يبالي أحد أولئك المجاهرين "أن يُرى سكراناً، ولا يهمه أن شُهِرَ بين الناس، ولا يؤلمه ذكر الناس له بالسوء؛ فذاك في عداد البهائم، لأنه لا يخاف عنتاً ولا لوماً، ولا يكون له عرض يحذر عليه، فهو بهيمة في مسلاخ إنسان"9.

لا إله إلا الله ما أعظم ما يقع فيه المسلمون اليوم من مجاهرة بالعصيان، وتعدٍ لحرمات الديان؛ يؤذن المؤذن للصلاة:

فلا الأذان أذانٌ في منائرنا           إذا تعالى ولا الصلاة صلاة

محلات البيع مفتوحة، والأسواق مكتظة بالمسلمين، والشوارع مليئة بشباب المسلمين؛ وكأن شيئاً لم يكن!!

حي على الصلاة .. حي على الفلاح؛ وهذا يبيع ويشتري، وذاك متكئ على أريكته يضحك بملء فيه، وثالث ولا حول ولا قوة إلا بالله في معصية ومنكر، وكل أولئك يسمع النداء بالأذان لكن {وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ}10، وهذا حال كثير من المسلمين مع شعيرة من أعظم شعائر الدين، فكيف بحالهم مع الزكاة والصوم والحج، ومع تحقيق الشهادتين!! اللهم سلِّم سلِّم {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}11.

فعجباً لهؤلاء الناس؛ عجباً لهذا الصنف من المسلمين المحنطين في كفن الجحود، والنكران، وكفران الجميل "يا عجباً من سفيه في صورة حليم، ومعتوه في مسلاخ عاقل، آثر الحظ الفاني الخسيس على الحظ الباقي النفيس، وباع جنة عرضها السماوات والأرض بسجن ضيق بين أرباب العاهات والبليات"12، فتعوذ بالله من حال هؤلاء المجاهرين الذين باتوا يسترهم الله، ثم أصبحوا يفضحون أنفسهم، أما سمعوا قول ربهم – جل وعلا – يقول: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً}13 فأي محبة يدعيها هؤلاء لربهم وهم أصلاً لا يحبون ما أحب، ولا يبغضون ما أبغض!! قال الإمام السعدي – رحمه الله تعالى – عند تفسيره لهذه الآية: "يخبر – تعالى – أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول أي يبغض ذلك ويمقته، ويعاقب عليه، ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي تسوء وتحزن، كالشتم والقذف والسب ونحو ذلك؛ فإن ذلك كله من المنهي عنه الذي يبغضه الله"14 فانظر أخي كيف أظهر الله بغضه للمجاهرين بالقول السيء من سب أو شتم أو قذف؛ فكيف بالمجاهرة بترك شعيرة وركن من أركان الإسلام كالصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج، إن ذلك والله لأدهى وأمر.

واستمع لقول الله – تعالى – أيضاً مؤكداً على تحريم وتشنيع هذا الذنب "المجاهرة بالمعصية" {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ..}15 يقول الإمام ابن جرير الطبري – رحمه الله – في تفسيره: "ولا تقربوا الظاهر من الأشياء المحرمة عليكم التي هي علانية بينكم لا تناكرون ركوبها، والباطن منها الذي تأتونه سراً في خفاء لا تجاهرون به؛ فإن كل ذلك حرام"16.

فانظر أخي الحبيب وتأمل في هذه الآية، ودقيق تعبيرها، ولطيف عبارتها {وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ} ولم يقل: ولا ترتكبوا الفواحش، فنهانا عن القرب منها فقط فكيف بمن وقع فيها، وهذا تحذير من الله – سبحانه – من القرب؛ لأن من قرب وقع غالباً، وكذلك لأن الشيطان له مع ابن آدم خطوات إلى المعاصي وإشارات وتلويحات، فقطعاً لدابر ذلك كله نهانا الله عن القرب من هذا الحمى الآسن المنتن الخبيث؛ فإن من حام حول الحمى يوشك أن يرتع فيه.

والسيئة تقول: أختي أختي، فانظر أخي ما أعظم تعبير القرآن {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}17، وليس القرآن فقط هو الذي يحذرنا من هذه الكارثة الجائحة؛ لكن حتى من أُنزل عليه القرآن – صلى الله عليه وسلم – قد نهانا أشد النهي وحذرنا أبلغ تحذير فعن سالم بن عبد الله قال: سمعت أبا هريرة – رضي الله عنه – يقول: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين"، ثم بيَّن صورة من صور المجاهرة فقال: "وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، وأصبح يكشف ستر الله عنه"18.

لا إله إلا الله.. ما أعظمه من تحذير، وما أشده من عقاب؛ إنه يبين بشاعة هذا الذنب، وعظيم خطره؛ قال ابن بطال – رحمه الله -: "في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله، ورسوله، وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف؛ لأن المعاصي تُذِل أهلها، ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد، ومن التعزير إن لم يوجب حداً، وإذا تمحَّض حق الله فهو أكرم الأكرمين، رحمته سبقت غضبه؛ فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يُجاهر يفوته جميع ذلك"19.

من أسباب المجاهرة بالمعاصي:

قد يتسائل متسائل: ما السبب الذي جرَّأ أولاء الناس على أن يجاهروا ويبارزوا المولى في عليائه بذنوبهم ومعاصيهم؟ أين عقولهم؟ أين قلوبهم: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}20، إن هؤلاء الأقزام ما ركبوا هذا المركب الصعب مع المولى – جل وعلا – إلا بأسباب نذكر منها:

1.    قلة مراقبتهم لربهم العزيز، فلما ضعفت المراقبة في قلوبهم أو انعدمت تجرؤوا على بارئهم؛ فجاهروا بذنوبهم.

2.    الجهل بقدر الله – تعالى -، وعدم معرفته حق المعرفة قال الله – تعالى -: {وما قدروا الله حق قدره } 21.

3.    ضعف الخوف منه – تعالى -؛ فكانت حالهم فقط في لهو وضحك واستهزاء {وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ}22.

4.  رفقاء السوء: وهذا من أعظم الأسباب الحاملة على هذا الذنب الفظيع؛ فإنهم يزينون للمذنب ذنوبه، ويمدحونه عليها، قال الله – تعالى – واصفاً ذلك في اختصام أهل النار: {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين}23 يعني كنتم تزينون لنا المعاصي، وتدّعون أنها طاعات؛ فالخمر مثلاً تقولون "مشروب روحي"، والزنا "حق شخصي"، وهكذا إلى نهاية سلسلة الإضلال والتزييف من رفقاء السوء الأشرار الذين رباهم إبليس الذي حكى الله – تعالى – عنه أنه اتخذ نفس ذلك الأسلوب فقال – تعالى -: {فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم …}24، بل إن أراد ذلك المذنب المسكين العودة إلى ربه، والتوبة إليه؛ جرَّه هؤلاء الرفقاء وسحبوه وجاؤوا له من بين يديه، ومن خلفه، حتى يعيدوه إلى شباكهم إلا من رحم الله من عباده.

العلاج:

أخي الحبيب: بعد أن علمت عظيم خطر هذا الداء العضال، والذنب، وبعض أنواعه وأسبابه؛ لم يبق إلا أن نقول بقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء"25 فما المخرج إذن؟ وإلى أين المفر من هذا الخطر العظيم؟ ما الدواء الشافي من هذا الداء العضال؟

إليك أخي المسلم بعض الأسباب المعينة، والأدوية النافعة – بإذن الله تعالى – من هذا الشر المستطير:

1.  التعرف على عظمة المولى – جل وعلا -، وذلك عن طريق قراءة القرآن، والتفكر في آياته، وقراءة تفسيرها، والغوص في معانيها؛ فإن في هذا القرآن البيان الشافي لعظمة الله – تعالى -، فإنك ستقرأ في القرآن قصة لقمان الحكيم وهو يرسخ في قلب ابنه الصغير عظمة الرب الكبير – سبحانه – يقول الله – تعالى – حاكياً ذلك الدرس العظيم: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ }26 إنه درس عظيم وعجيب يرسخ في ذلك القلب الغض تلك العقيدة العظيمة والتعظيم المطلوب لهذا الرب الجليل سبحانه.

2.  النظر في عواقب الغابرين من الذين تلبسوا بهذا الذنب الشنيع، وكيف صنع الله بهم كقوم عاد وثمود، وقوم صالح {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}27، فلا تعمل عملاً حتى تنظر في عاقبة ذلك العمل، ولا تنظر فقط إلى شهوة نفسك، وكيفية إشباعها؛ فإن الله – جل وعلا – يقول: {أفمن يمشي على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم}28.

3.  تذكر الموت واليوم الآخر، والخوف من لقاء الله – تعالى -، ومن الوقوف بين يديه {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة  هي المأوى}29 فإذا ما تذكرت ذلك اليوم الرهيب، والموقف المهول العصيب؛ دعاك ذلك إلى أن تنهى نفسك عن هواها، وتصدها عن شهواتها المحرمة، ونزواتها الآثمة.

4.  دعاء الله – تعالى -، والالتجاء إليه أن يقيك من هذا الداء العضال، وأن يعينك على طاعته وحسن عبادته، فالدعاء سلاح لايقف أمامه شيء، ولكن إن صحة النية، وصدقت العزيمة قال الله – تعالى -: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم …}30.

5.    معاملة الله – سبحانه – بكمال الإخلاص مع كمال الذل.

6.  النظر فيما أعدَّ الله للمراقبين له، الخائفين منه؛ كقوله – تعالى – يحكي قول أهل الجنة: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}31.

7.  وهذه تخص الدعاة إلى الله – تعالى – وهي: تبليغ الناس وإنذارهم، وتعريفهم بعقاب المجاهرين، {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}32

عباد الله يقول – تعالى -: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}33، فجاهدوا أنفسكم لاجتناب هذا الداء الخطير؛ حتى تنقذوها وتنقذوا مجتمعاتكم من عذاب الله سبحانه فإن الله يقول: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}34 فاتقوا الله عباد الله، وعظِّموا ربكم، واقدروه حق قدره، ولا تنظروا إلى صغر المعصية ولكن انظروا إلى عظمة من عصيتم، واعلموا أن الله يمهل ولا يهمل، فإذا أخذ فإن أخذه أليم شديد، فعودوا إليه {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}35 من قبل {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}36

فيا رب تب واعف عن مذنب               مقر بزلته تائب

اللهم أصلح قلوبنا وأحوالنا، واهد شبابنا وشيبنا، وردنا إليك رداً جميلاً غير مخز ولا فاضح يا رب العالمين، والحمد لله أولاً وآخراً.


 


1 سورة الأنعام (18).

2  سورة النساء (165).

3  سورة يونس (101).

4 سورة يوسف (6).

5 سورة آل عمران (102).

6 سورة النساء (1).

7 سورة الأحزاب (70- 71).

8 سورة يونس (44).

9 صيد الخاطر لابن الجوزي ص227.

10 سورة الأعراف (198).

11 سورة النحل (61).

12حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص46.

13 سورة النساء (148).

14 تفسير السعدي ص191.

15 سورة الأنعام (151).

16 معاني التنزيل لابن جرير الطبري (ج5/ص107).

17 سورة ق (37).

18 رواه البخاري أنظر الفتح (ج10/رقم 6069)، واللفظ له ومسلم في صحيحه أنظر شرح النووي (ج4/رقم2990).

19 فتح الباري لابن حجر (ج10/ص502).

20 سورة الانفطار (6).

21 سورة الزمر (67).

22 سورة المطففين (31).

23 سورة الصافات (28).

24 سورة النحل (63).

25 رواه السائي في السنن الكبرى برقم (7566)، وصححه الألباني في (صحيح الجامع) برقم 1809.

26 سورة لقمان (12-19).

27 سورة يوسف (111).

28 سورة الملك (22).

29 سورة النازعات (40-41).

30 سورة غافر (60).

31 سورة الطور (26-27).

32 سورة الأنفال (42).

33 سورة العنكبوت (69).

34 سورة الإسراء (16).

35 سورة النور (31).

36  سورة الزمر(56).