وضع صندوق دعوي في البيت
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
إن المسؤولية الملقاة على عاتق رب الأسرة عظيمة وكبيرة، وبخاصة من الإنسان المتعلم العارف بحدود الله – عز وجل -، وأوامره ونواهيه، وعليه أن يعرِّف أهله وأولاده ومن يعولهم هذا الدين امتثالاً لقول الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – من حديث ابْنِ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ))1.
فهذه كلها أمانات تُلزِم من استرعاها بأداء النصيحة فيها لله، وكذا لمن استرعاه عليها، إذ لكل واحد منهم أن يأخذ مما استُرعِىَ أمره ما يحتاج إليه بالمعروف من نفقة ومؤنة.
والأولى بأداء النصيحة هم الأهل والأولاد والأقارب، وللنصح لهم من قِبَل متولي الأسرة وربها عدة وسائل يمكن أن يتم عبرها منها:
أولاً: النصح بالكلمة الهادفة، والأسلوب الحسن، دون جرح مشاعر، أو تأنيب ونحوه؛ ليتقبل المنصوح النصيحة.
ثانياً: إرشاد من يعولهم إلى ما فيه صلاحهم من خلال التربية الصالحة الملتزمة والمتمسكة بتعاليم الشرع، وعبر أساليب متنوعة منها:
· التحفيظ: بأن يحفظ الأولاد القرآن، ويعيشوا معه.
· الإعلام الموجود داخل البيت مما يهذب النفس، ويزكي الأخلاق، وينبغي ألا تفتح القنوات على مصراعيها ليشاهدوا الغث والسمين منها.
· وضع صندوق دعوي داخل المنزل، وهذا الصندوق سيكون له الأثر الكبير على الأسرة، ويجب أن يحتوي هذا الصندوق على أمور نافعة في مختلف الجوانب؛ أي لا ينحصر على الثقافة فقط بل يحتوي على عدة أشياء مثل:
أ- الكتب النافعة التي تتكلم عن جوانب العقيدة، والفقه، واللغة، والكتب الثقافية النافعة التي من خلالها تستفيد الأسرة كلها وفق برنامج يتفق فيه رب الأسرة مع بقية الأسرة.
ب- الأشرطة الهادفة، وتحتوي على أشرطة القرآن الكريم، والمحاضرات الهادفة التي تهذب السلوك، والأناشيد الهادفة لا المتميعة، وأشرطة الفيديو.
ت- يوضع في هذا الصندوق أيضاً صندوق آخر صغير؛ وهذا الصندوق ليس للثقافة ولا للعلوم بل هو للمسلمين، يتم في هذا الصندوق جمع التبرعات لإخواننا في فلسطين، أو لدعم مشروع خيري بحاجة إلى الدعم المادي، وغرس مفهوم البذل والعطاء في نفس الناشئة، أو لشراء وسائل دعوية توزع على الناس، أو لدعم قضايا الأمة، ومن خلال هذا العمل تتربى الأسرة على العيش بروح الأمة المذكورة في حديث النعمان بن بشير – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى))2، وتغرس في نفوس الناشئة حب الدين، والاهتمام بقضايا الأمة، وأن ما يحصل في الأمة يهمُّ كل فرد من المسلمين، وفي نهاية كل أسبوع أو شهر يجمع ما بداخل هذا الصندوق، وتسييره إلى ما سخر له سواء كان تبرعاً للمجاهدين، أو وسائل دعوية.
ومن خلال هذا العمل يتربى الطفل، والشاب، والفتاة، والمرأة، والأسرة، والحي، حتى يصير عادة منتشرة في المجتمع، وبهذا ترقى الأمة بمستواها، وتفكيرها، وثقافتها.
نسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العليا؛ أن يهدي أمة محمد – عليه الصلاة والسلام -، وأن يعلي راية الدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.