مخاطر الفيديو والتلفزيون على الأطفال

مخاطر الفيديو والتلفزيون على الأ

مخاطر الفيديو والتلفزيون على الأطفال

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين، أما بعد:

يظهر التأثير الهائل للفيديو والتلفزيون على الأطفال بشكل واضح عندما يتم إدخال الجهازين أو أحدهما إلى البيت بعد نشوء الأطفال ووعيهم، إذ يبدو ذلك جلياً في تبدل تكوينهم الشخصي والنفسي، ويستطيع المراقب إدراك ذلك مـن خلال نشوء اهتمامات جـديدة لدى الأبناء، وأنماط من السلوك تحاكي سلوك الممثلين أو الشخصيات الخرافية الوهمية.

أما أولئك الأطفال الذين يولدون والتلفزيون في بيوتهم فإنه يغدو بعد حين أهم موجه لتـفـكيرهـم وسلوكهم، وذوقهم واهتماماتهم، وقد لا يلاحظ ذلك كثير مـن الآباء والأمهات، وخاصة أولئك الذين لا يهمهم أين تسير السفينة، ومن يوجه الدفة.

ويؤكد الدكتور إبراهيم إمام خطر التلفزيون والفيديو على الأطفال، ويراه خطراً ثابتاً، ويحذر من التقليل من ذلك أو تهوين الأمر فيقول: "إن تأثير الإعلام على الأطفال تأثير ثابت، ولا ينبغي للمسؤولين أن يقللوا من خطره، أو يهونوا من أمره، ولاشـك في أن طريـقـة مـعالجة التلفـزيـون للتراث الثقافي العالمي نفسه – وخـاصـة أسلـوب استخـدام الكـامـيرا – يجعل الـتلفزيون مصنعاً للخوف والرعب بالنسبة للموضوعات العنيفة، وعندما يخلط الأطفال بين الواقع والخيال، ويتعرضون للتأثير الضار بـاسـتمرار، ويرون المجرم بطلاً خفيف الظل، والقانون لا ينتصر إلا في النهاية، ورجل الشرطة موضع تهكم وسخرية، والقاضي إنساناً متردداً ومضحكاً؛ فإن احتمال عدم التأثير بذلك كله أمر جد عسير، وقد يكون صحيحاً أن تأثير التلفزيون والفيديو على الأطفـال الأصحـاء يـختـلف في شدته ونوعيته عن تأثيره على الأطفـال الـذين لا يحسـون بالأمر، ولكن لابد أن يكون التلفزيون مؤثراً على كلا النوعين".

التلفزيون والتحصيل الدراسي لدى الأطفال:

يشكو الآباء والمربون من آثار التلفزيون السلبية في علاقة الأطفال بالكتاب والمدرسة، وتبدو نتائج ذلك ظاهرة على معظم الأطفال الذين يتابعون المشاهدة، ومن الملاحظ لدى العاملين أن مما يؤدي إلى الـتأخـر الـدراسي، وعدم مـتابـعـة المعلم أثناء الشرح سبب كثير منه التعلق ببرامج التلفزيون، والسهر الطويل في متابعة ما يجري على الشاشة المرتعشة، إذ وجد أن الأطفال الذين لديهم أجهزة تلفزيون أو فيديو يذهبون للنوم متأخرين عن نظائرهم في السن ممن لا يوجد لديهم، ويبدو أيضاً أن التلفزيون يتداخل مع الواجبات المنزلية التي يكلف بها التلاميذ، وبذلك يبدو الطفل سلبياً أمام ما يدور في قاعة الدرس، وفي ربيع عام 1977م ظهر كتاب بالغ الآثار والأهـمـية في الأسواق الغربية وهو الكتاب الوحيد الذي ناقش تجربة التلفزيون ومشاهدته، وبين أهميتها عن محتوى البرامج التي تظهر على شاشته، هذا الكتاب من تأليف (ماري دين) وقد أسمته (المخدر الكهربي)، وكان سبباً لضجة كبيرة عند الآباء القلقين، وعلماء النفس والمربين.

ولقد أكد الكتاب أن مشاهدة الأطفال التلفزيون تسبب عندهم نوعاً من الإدمان، وأنها تحول جيلاً كاملاً منهم إلى أشخـاص يتميزون بالسلبية، وعدم التجاوب، ولا يستطيعـون اللـعـب والابتكـار، ولا يستطيعون حتى التفكير بوضوح، فكيف يتسنى لمثل هؤلاء الأطفال استيعاب الدروس، وتركيز اهتمامـهـم فيمـا يلقى عليهم، أو يطلب منهم التفكير فيه إذا كانت معظم أوقاتهـم تستنفد أمام الشاشة الصغيرة؟.

وفي تقرير لمنظمة اليونسكو العالمية تبين أن الأطفال في البلاد العربية من سن السادسة إلى سن السادسة عشرة يقضون ما بين اثنتي عشرة ساعة وأربع وعشـريـن ساعـة أمام التلفزيون أسبوعياً، وأن سن الخامسة حتى السابعة هي الفترة التي يبدي فيها الطفل أقصى اهتمام بمشاهدة التلفزيون، وفي المرحلة التي تسبق هذه الـفتـرة فإن الطـفـل في سـن الثلاث سنوات يقضي 45 دقيقة يومياً أمام التلفزيون، وفي سن أربع سنـوات ينفـق ساعـة ونصف الساعة يومياً.

ولم تزل الدراسات والتقارير العلمية تتوالى في تبيان ما للأجهزة السمعية البصرية من أثر بالغ الضرر فيما يظهر على شاشاتها، ولذلك فإن تقريراً آخر نشر في مجلة اليونسكو عن نتيجة الاستطلاع الياباني عن وسائل الإعلام جاء فيه: إن فيض المعلومات التي تقدمها أجهزة الإعلام يعطل القدرات التأملية الخلاقة لدى الأطفال.

وأوضح التقرير أن الأطفال كانوا ضحية لبرامج التلفزيون والمجلات الهزلية، وذكر الأطباء والمدرسون الذين شملهم الاستطلاع أن وسائل الإعلام أشد ضرراً بالأطفال؛ وخاصة الـبرامـج الـترفـيهية الساقـطـة، والمجلات الهزلية التي ترد إليهم، وإن حشو مخيلة الـطـفـل، وإشغال فكره بهذه الترهات لا تدع له مجالاً لاستيعاب المعلومات التي يتلقاها في المدرسة، مما يؤدي في أغلب الأحيان إلى كراهية الطفل للمدرسة والكتاب لشعوره بقصورهما وعجزهما عن جذبه إليهما كما يجذبه التلفزيون والفيديو، إذ أنهما لا يتطلبان من الطفل مجهوداً ولا حركة، ويحشوان رأسه بالخيالات والأوهام، ويضحكانه، ويعلمانه الرقص والغناء، وكيفية إقلاق راحة الآخرين1.

فعلى أولياء الأمور أن يتنبهوا لهذا الخطر، ويجنبوا أبناءهم وبناتهم تلك الآثار السلبية الناتجة عن الإدمان على التلفاز.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.


 


1  المصدر:  موقع المختار الإسلامي بتصرف يسير.