حكم الابتداء بالنافلة عند سماع ا
حكم الابتداء بالنافلة عند سماع الإقامة
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد
الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن لاإله إلا الله،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فكثيراً ما يتسائل الناس عن أحكام
الأذان والإقامة لاسيما عن حكم قطع النافلة عند سماع الإقامة، أو الابتداء فيها عند
سماع الإقامة، فإذا تأملنا أقوال العلماء، وأراء الفقهاء؛ نرى أنهم اتفقوا على عدم
منع افتتاح النافلة غير الوتر وركعتي الفجر عند سماع الإقامة، واختلفوا في افتتاحها
على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
لا يجوز افتتاح الوتر وركعتي الفجر عند سماع الإقامة وبعدها وهو مذهب الشافعية
والحنابلة،
ودليلهم: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا
أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)).
القول الثاني:
يجوز أداء ركعتي الفجر فقط عند سماع الإقامة متى تيقن أنه سيدرك الركعة الأخيرة،
فيصليها خارج المسجد عند بابه لا داخله، وهو مذهب الحنفية.
ودليلهم: ما روي عن النبي - صلى
الله عليه وسلم - من شدة تعاهده على ركعتي الفجر، وبأمره بالمحافظة عليهما كما في
حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن
على شيءٍ من النوافل أشد معاهدةً منه على ركعتين قبل الفجر"،
وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((لا
تدعوا ركعتي الفجر، وإن طردتكم الخيل)).
القول الثالث: إذا ذكر الوتر وقد
أقيمت الصلاة فإنه يخرج ليصليها خارج المسجد، وأما ركعتا الفجر فيجوز أداؤها ما لم
يدخل المسجد، إن لم يخف فوات الركعة الأولى مع الإمام، فإذا دخل لم يخرج لأدائهما
وهو مذهب المالكية،
ودليلهم بالنسبة لركعتي الفجر هو دليل أصحاب القول الثاني، وما ورد في فضلهما، وأما
الوتر فقالوا: لأنه يفوت بصلاة الصبح بخلاف ركعتي الفجر.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - عدم جواز
الشروع في ركعتي الفجر والوتر أو غيرهما من النوافل إذا أقيمت الصلاة المفروضة وذلك
لعموم النهي؛ ولأن أدلة أصحاب القول الثاني لا تسلم لهم من النقاش والاعتراض، ولأن
ركعتي الفجر تنقضي بعد الصلاة،
وأما الوتر فإنه ينقضي وقته بطلوع الفجر، فلا وجه لأدائه بعد إقامة الصلاة،
ومما يرجح هذا أن ترك التنفل عند إقامة الصلاة وتداركها بعد قضاء الفرض أقرب إلى
اتباع السنة، ويتأيد ذلك من حيث المعنى بأن قوله في الإقامة "حي على الصلاة" معناه:
هلموا إلى الصلاة التي يقام لها، فأسعد الناس بامتثال هذا الأمر من لم يتشاغل عنه
بغيره.
والحمد لله رب العالمين.
|