استخدام الأذان كنغمة جوال

استخدام الأذان كنغمة جوال

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن شعائر الله – عز وجل – عظيمة، وتعظيمها علامة على التقوى التي يحيا بها القلب يقول – تعالى -: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}1، ومما انتشر هذه الأيام استخدام الأذان كنغمة للجوال، فقد يترك البعض استخدام الأغاني والموسيقى كنغمة لجواله؛ لكنه ينصرف بحسن نية إلى الآيات القرآنية، أو مقاطع من الأدعية، أو الأذكار، أو الأذان؛ فما الحكم الشرعي في ذلك؟

إن شعائر الله كالقرآن والأذان وغير ذلك مما شرعه الله – عز وجل – عظمها الله، وأمر بتعظيمها، فالقرآن لنتدبره ونتلوه، ونعمل بما فيه، والأذان ليخبرنا بوقت الصلاة فينصت له أهل الإيمان متلفظين بما هو مأثور من ترديد لكلماته مع المؤذن، وذكر الأدعية الواردة بعد الأذان؛ لكن عندما يوضع الشيء في غير محله، ويصب النهر في غير مستقره، وتتبدل الغايات، ويستغنى بالظواهر عن الجواهر، والغلاف عن المضمون، تحل النكبات، وتأتي الأزمات، فإن الأذان إذا استخدم كنغمة للجوال؛ تعرض المستخدم لشيء من الحرج، وذهب بشيء من هيبة هذه الشعيرة العظيمة، فمن الحرج مثلاً: أن يأتي الاتصال والمستقبل في دورة المياه، فماذا عسى أن يصنع وهو في حالة لا يستطيع أن يجيب فيها، ولا أن يغلق الجهاز، فيتردد الأذان في ذلك المكان الذي أعد لقضاء الحاجة، أو تسمع الآيات والأدعية تنبعث من المكان نفسه!!.

ومن المعلوم أن الأذان إذا سُمع من الجوال عند مجيء الاتصال فإنه يُقطع لإجابة المتصل، والأصل أن يتصل، ويردد معه المستمع، لكن أنا له ذلك، وهو يريد أن يجيب؟!

والأذان هو إخبار بدخول الوقت، فكيف لو صار في كل لحظة اتصال وهو ليس موعد الصلاة، فأي صلاة يريد ؟! ومن العلماء من تكلم في ذلك منهم الشيخ عبد الرحمن البراك – حفظه الله – في إجابة على سؤال يقول: من المعروف عند أهل العلم أن الأذان هو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة في أوقات مخصوصة، فهل يجوز جعل الأذان كنغمة للجوال؟

الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فألفاظ الآذان من ألفاظ الذكر، يجب تعظيمها، وليس من تعظيمها اتخاذها وسيلة للتنبيه على الاتصال، فإن ظهور الصوت من الجهاز لا يعتبر ذكراً لله من صاحب الجوال، ولا مقصود له، ولا يكون بذلك ذاكراً لله، ولا يستمع المتصل عليه إلى جمل الأذان المسجلة بل سيسارع إلى فتح الخط، وبدهيّ أنه لا يشرع له أن لا يجيب المؤذن، إن تسجيل القرآن أو جمل الآذان ليكون به التنبيه نوع امتهان لذكر الله، وكلام الله، لكن لو استعيض عن ذلك بصيغة السلام لكان له وجه، والله أعلم"2، "ويتفق مع هذا الرأي الشيخ صالح الشمراني الأستاذ بالمعهد العلمي بجدة التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث أكد أنه لا يجوز استخدام القرآن والأذان كنغمات للمحمول، مشيراً أن استخدام الآيات القرآنية والآذان قد يأتي في أماكن لا تتفق مع قدسيتها، ذلك لأن استخدام المحمول مرهون بأماكن وجود مستخدِمه؛ لذلك قد يأتي هذا الرنين في أماكن لهو، أو وسط تجمع عائلي يموج بالضحك، إلى جانب إمكانية أن يأتي هذا الرنين في الخلاء "دورات المياه"، وهذا لا يليق بكلام الله المنزل على نبيه – صلى الله عليه وسلم -، ولا بالدعاء الذي هو في أصله شكل من أشكال العبادة"3، ومع هذا فلا ينصرف عن الأذان والآيات القرآنية والأدعية إلى ما هو محرم شرعاً كالموسيقى والأغاني، ولكن يستخدم ما جاء موافقاً للدين عند التواصل كإدخال لفظ السلام، أو ما أبيح من القصائد المعينة على الطاعة، والمحفزة إلى العمل الصالح، والقصد كل القصد أن نحذر مما يذهب بهيبة شريعتنا، وبهاء طلعتها، وأن نسلك كل طريق يوصل إلى تعظيم شعائر الله، والحمد لله رب العالمين.