العفاف
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مُباركاً فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويرضى، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، أمَّا بعدُ:
أيها الأحبة: إنَّ التبرج والسُّفور من مظاهر الجاهلية التي حاربها الإسلامُ، وقد نهى اللهُ -تعالى- عن ذلك، ودعى المسلمات إلى العفاف، والستر، والحجاب قال -تعالى-: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى1. وأصل التبرج هنا هو: البروز، والظهور ، ومنه (البُرج) لظهوره وبروزه، وانكشافه للعيون، وتبرج المرأة هو إظهارها زينتها، وتصنُّعها بها، وذلك بأن تظهر المرأة محاسن ذاتها، وثيابها، وحليها؛ بمرأى الرجال، وتبرج الجاهلية هنا يدخل في معناه كل العبارات التي ذكرها السَّلَفُ؛ حيث يشملُ خروجَ المرأة تمشي بين يدي الرجال، وتكسُّرَها في مشيتها، وتبخترها فيها، كما يشمل ترك التستر؛ حيث تظهر نحرها، أو شعرها أو غير ذلك مما هي مطالبة بستره عن أعين الرجال الأجانب، وكُلُّ ذلك يُنافي العفافَ الذي نادى به الإسلامُ.
وقد ذكرَ اللهُ -تعالى- أنَّ ذلك كُلَّهُ مِنْ خصائصِ أهلِ الجاهليةِ، فقد دلت الآيةُ الكريمةُ على أن التبرج عمل جاهلي، وعليه فإنَّ المرأة المتبرجة فيها خصلة من خصال الجاهلية بقدر تبرجها، وبهذا -أيضاً- يتبين أن السفور، والتبرج، ومخالطة الرجال، وتكسر المرأة في مشيتها أمامهم، وغير ذلك؛ مما يدخل في معنى التبرج، ذلك كله ليس من التمدُّن في شيء، بل هو تخلف، ورجوع إلى عادات العهود المظلمة التي جاء الإسلامُ فأبطلها من أصلها.
قالت عائشة – رضي الله عنها -: (يرحم اللهُ نساءَ المهاجراتِ الأول، لما أنزل اللهُ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ2 شققن مُرُوطَهُنَّ، فاختمرنَ بها)3.
فيا فـتاة الإسلام: كوني مثل تلك المؤمنات الصادقات، فإنهن امتثلن أمر ربهن، وسارعن إلى لباس العفاف والطهر، لباس الحشمة بمجرد سماعهن للدليل الواضح في دلالته الذي لا يحتمل أيَّ تأويل،كوني مثل أمهاتك، وأخواتك المؤمنات؛ فإنهن على الحق، فانهجي نهجهن، والزمي طريقهن؛ فإنهن والله سلكن خيرَ طريقٍ، ونهجن خيرَ نهجٍ.
فعليك أيتها المؤمنة: الاستجابة إلى الالتزام بما افترضه اللهُ من الحجاب، والستر، والعفة، والحياء طاعةً للهِ -تعالى-، وطاعةً لرسولِهِ ﷺ قالَ اللهُ – عَزَّ شأنُهُ -: وَما كانَ لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضَى الله ورسولُهُ أمراً أن يُّـكون لهم الخيرَةُ من أمرهمْ ومن يَّـعصِ الله ورسوله فقدْ ضلَّ ضلالاً مبيناً4.
كيف لا؟ ومن وراء افتراضه حِكَمٌ وأسرارٌ عظيمةٌ، وفضائل محمودة، وغاياتٌ ومصالحُ كبيرةٌ منها:
1– حِفْظُ العِرْضِ: الحجاب حِرَاسةٌ شرعية لحفظ الأعراض، ودفع أسباب الرِّيبةِ، والفتنةِ، والفسادِ.
2– طهارة القلوب: الحجاب يدعو إلى طهارة قلوب المؤمنين والمؤمنات، وعمارتها بالتقوى، وتعظيم الحرمات، وصَدَق الله – سبحانه -: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ5
3– مكارم الأخلاق: الحجاب يدعو إلى توفير مكارم الأخلاق من العفة، والاحتشام، والحياء، والغيرة، والحجْب لمساويها من الـتَلوُّث بالشَّائِنات كالتبذل، والتهتك، والفساد.
4– علامة على العفيفات:
الحجاب علامة شرعية على الحرائر العفيفات في عفتهن، وشرفهن، وبعدهن عن دنس الريبة والشك: ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ6، وصلاح الظاهر يدل على صلاح الباطن، وإن العفاف تاج المرأة، وما رفرفت العفة على دارٍ إلا أكسبتها الهناء.
5– قطع الأطماع والخواطر الشيطانية:
الحجاب وقاية اجتماعية من الأذى، وأمراض قلوب الرجال والنساء، فيقطع الأطماع الفاجرة، ويكف الأعين الخائنة، ويدفع أذى الرجل في عرضه، وأذى المرأة في عرضها، ومحارمها، ووقاية من رمي المحصنات بالفواحش.
أيتها المسلمة:
احرصي على الحجاب الشرعي الذي يحقق العفاف بشروطه وضوابطه التالية:
· أن يستر جمع البدن.
· أن لا يكون زينة في نفسه.
· أن يكون سميكاً غير شفاف.
· أن يكون واسعاً غير ضيق.
· أن لا يكون فيه مشابهة للباس الرجال أو الكفار.
· أن لا يكون مُعطَّراً.
· أن لا يكون لباس شهرة.
اللهم ارزق نساء المسلمين الستر والعفاف يا أرحم الراحمين.
والحمد لله رب العالمين