الأذان مسؤولية

الأذان مسؤولية

الأذان مسؤولية

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسوله الصادق الأمين، وعلى آله الطاهرين وصحابته الطيبين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الأذان مسؤولية المؤذن، وعليه أن يراعي مسؤوليته، وما يجب عليه في ذلك من الاهتمام بالوقت ودخوله، سيما الفجر والمغرب في رمضان، على وجه الخصوص، وإلا فطوال العام لابد من التحري لدخول وقت الصلاة، وتحري أوقات الأذان والإقامة.

ولو رأينا لحال النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الأذان لوجدناه كثيراً ما ينبه على أهمية ضبط الوقت للمصلين، ولذا حدد -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مؤذن يقومون بالتعاون عليه، وليس هذا إلا من أهمية الأذان ووقته، وأنه مسؤولية عظيمة لا ينبغي التساهل في شأنها، أو التهاون في وقتها.

 

وقد جاء في ضبط النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على اهتمامه بهذا الأمر من حديثٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصبَحْتَ)1. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ، أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ؛ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ، أَوْ يُنَادِي بِلَيْلٍ؛ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الْفَجْرُ، أَوْ الصُّبْحُ، وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ وَرَفَعَهَا إِلَى فَوْقُ، وَطَأْطَأَ إِلَى أَسْفَلُ حَتَّى يَقُولَ: هَكَذَا، وَقَالَ زُهَيْرٌ -أحد رواة الحديث- بِسَبَّابَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى ثُمَّ مَدَّهَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ)2.

 

فهذا يدل على أن شعائر الدين لها اهتمامها الخاص عند النبي صلى الله عليه وسلم، كيف لا وهو المعلم والقدوة والأسوة والمرجعية المطلقة.

ولما كان الأمر كذلك تعين على من جاء من بعده من الأئمة والمؤذنين أن يجعلوا جل اهتمامهم بوقت الصلاة وضبطها، وأحكام الأذان وما يجب على المؤذن فعله، وما يستحب وما يكره وما يحرم، إلى غير ذلك من الأحكام؛ فإنه يترتب على الأذان أحكام عدة منها وقت الصلاة، واستعداد الناس لها، ومنها قيام الليل والسحور، وإمساك الصائم وإفطاره وغير ذلك، كل هذه كان الأذان علامة لها ودليلاً عليها، والناس قد جعلوا من إمام المسجد قدوة لهم في هذه الأمور، ووثقوا به فما عليه إلا أن يتحرى هذا الأمر؛ فإنها مسؤولية يسأل بها بين يدي الله.

 

ونجد اليوم في بعض البلدان وقوع بعض الأخطاء الناتجة عن الأذان تقديماً وتأخيراً، كاختلاف الناس في أذان الفجر: هل دخل وقته أم لا، والمغرب هل يفطر الصائمون أم لا، وغير ذلك من الأمور التي تجب العناية بها، وتعظيمها ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، هذا على جهة المؤذن والإمام.

وعلى الجهات المعنية بذلك رسمياً وضع تقويم دقيق لكل منطقة قد يختلف فيها التوقيت، وتعميمه على المساجد؛ ليكون مسلكاً يسلكه المؤذنون في أرجاء البلدة ترفع الحرج عن الناس، فليس كل الناس خبراء في علم التوقيت ولا في فقه الصلوات.

 

والله أعلم



1 صحيح البخاري: (582).

2 صحيح البخاري: (586)، صحيح مسلم: (1830) واللفظ للبخاري.