إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [سورة آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [سورة النساء:1]، فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعدُ:
أيها المسلمون: لقد أمركم ربكم سبحانه بقوله: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [سورة البقرة:195] والإحسان: اسم عام لكلِّ ما يمكن أن يُحسن فيه المسلم، فيدخل فيه: الإحسان إلى الرب سبحانه، والإحسان إلى النفس، والإحسان إلى الخلق عموماً؛ ولهذا جاء الحديث: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء»(1) هكذا بهذا العموم (على كل شيء).
ونحن إذ نعيش في شهر الإحسان (شهر رمضان المبارك) يجدر بنا أن نُذكِّر بنوعٍ عظيم من أنواع الإحسان ألا وهو: الإحسان إلى الناس بما ينفعهم من القول الحسن، والفعل الحسن، والعطاء والبذل، والسخاء الحسن، فإن هذا من أهم مظاهر الإحسان الذي أُمر به المسلم، والذي وعد الله – تعالى – عليه أجراً عظيماً، فقد آذن الله المحسنين بمحبته في آيات كثيرة، ووعدهم الجزاء والزيادة، والقرب منه – سبحانه – أي: من رحمته وفضله، وعدم ضياع أعمالهم وأجرهم كما قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [سورة البقرة:195] وقال سبحانه: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [سورة الأعراف:56].
عباد الله: شهر رمضان شهر تتجلى فيه الرحمة والإحسان بأبهى صورها، وأعظم معانيها؛ لأن المسلم يذوق الجوع والعطش، فيشعر بغيره من الجوعى والعطشى، فيمد إليهم يد العون والعطاء، راجياً من الله الثواب والخُلْف.
فالصوم يربي في قلب الصائم: العطف على الفقير والمحتاج، والإحسان إلى الناس، والإنفاق والسخاء، والتعاون على البر والتقوى، وتفريج الكربات، والإيثار والمروءة.
فحينما يشعر الصائم بألم الجوع فإنه يسارع بالبر والإحسان للمحتاج ابتغاء مرضاة الله، دون انتظار لعوض من أحد، ولا لغرض دنيوي، بل إن الكريم لا ينتظر سؤال المحتاج ليساعده، ولكنه يسارع بالبحث عنه؛ ليعطيه العطاء بنفس سخية راضية، ترجو الرضا والعطاء من رب يجزل الثواب للمحسنين.
أيها الأحبة في الله: إنَّ العطاء والبذل والإحسان له شأنٌ عظيم عند الله، وإذا كان له هذه المنزلة الرفيعة عند الله في أي وقت فهو في هذا الشهر أعظم ثواباً، وأكثر أجراً، وأعظم موقعاً عند الله، وقد سُئل رسول الله ﷺ: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام…»(2)، وسُئل أيضاً: أي الأعمال أفضل؟! فقال ﷺ: «إدخالك السرور على مؤمن: أشبعت جوعته، أو كسوت عورته، أو قضيت له حاجة»(3)، قال أهل العلم: يحتمل أن يكون المراد: خصال الإسلام، أيّ أعمال الإسلام وشرائع الإسلام أفضل؟ ويحتمل أن يكون السؤال عن خير المسلمين؛ فهذه أفضل الخصال، ومن يفعلها من خيار المسلمين؛ تنادي السابقين إلى الخيرات لاغتنامها لاسيما في شهر الخير والأجور المضاعفة.
ولقد خصَّ الله من يقوم بهذا العمل الصالح من الإحسان للناس بنعيم سابغ في الجنة يقول ﷺ: «إن في الجنة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها»، فقيل: لمن هي يا رسول الله؟ قال: «هي لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام»(4).
واعلم – يا عبد الله – أنَّ ربك وهو رب العالمين يستطعمك فما أنت فاعل؟! فقد جاء في الحديث القدسي الصحيح: «يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمتَ أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمتَ أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي»(5)، فيا له من أجر عظيم! ويا له من ثواب جزيل، والموفق من وفقه الله – تعالى -، فتغلّب على شحه، فأعطى وبذل في هذا الشهر.
أيها الصائم الكريم: لقد ضرب نبيك ﷺ أروع الأمثلة للجود والكرم وبخاصة في شهر رمضان يقول ابن رجب – رحمه الله -: “وكان جودُه – ﷺ – بجميع أنواع الجود من بذل العلم، والمال، وبذل نفسه لله – تعالى – في إظهار دينه، وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكل طريق، من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمل أثقالهم”(6).
فكان ﷺ يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وكان يفرح بأن يُعطِي أكثر من فَرَحِ الآخذ بما يأخذه، ومن فرط جوده وكرمه ﷺ أنه كان لا يرد سائلاً؛ مع شدة حاجته ﷺ؛ ومع ذلك يؤثر غيره على نفسه! حتى إنه ليصدق عليه وحده قول القائل:
تَعَوَّدَ بَسْطَ الْكَفِّ حتَّى لو أنَّهُ | ثَنَاهَا لِقَبْضٍ لَمْ تُجِبْهُ أَنَامِلُهْ |
تَرَاهُ إِذا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلاً | كأنَّكَ تُعْطِيهِ الَّذِي أنْتَ سَائِلُهْ |
هُوَ البَحْرُ مِنْ أَيِّ النِّواحِي أَتَيْتَهُ | فَلُجَّتُهُ المعرُوفُ والجُودُ سَاحِلُهْ |
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كَفِّهِ غَيْرُ رُوحِهِ | لَجَادَ بِهَا فَلْيَتَّقِ اللهَ سَائِلُهْ(7) |
فأين أنت – أخي الكريم – من هذا الصفة؟ وأين اقتداؤك بنبيك ﷺ فيها؟!
لَو كَانَ حُبُّك صَادِقاً لأطعتَهُ | إنَّ المحبَّ لِمن أحبَّ مُطِيعُ(8) |
فَتَشَبَّهوا إِن لَم تَكونوا مِثلَهُم | إِنَّ التَشَبُّهَ بِالكِرامِ فلاحُ(9) |
أيها المسلمون: ولقد كان السلف الصالح – رحمهم الله – يحرصون على إطعام الطعام في هذا الشهر، ويقدمونه على كثير من العبادات سواءٌ كان ذلك بإشباع جائع، أو إطعام أخٍ صالح؛ فلا يشترط في المُطعَم الفقر.
فكانوا يواسون من إفطارهم، أو يؤثرون به، ويجوعون، فهذا ابن عمر – رضي الله عنهما – كان يصوم، ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعهم أهلهُ عنه لم يتعشَّ تلك الليلة(10).
وجاء سائلٌ إلى الإمام أحمد، فدفع إليه رغيفين كان يُعدهما لفطره، ثم طوى وأصبح صائماً(11).
فلله درُّ تلك النفوس ما أسخاها! وما أشد إيثارها! وما أعظم رغبتها فيما عند مولاها!
عباد الله: ومِن الجود بالخير في رمضان: تفطيرَ الصائمين مِن القرَابة، والجِيران، والأصحاب، والفقراء والعُزَّاب وغيرِهم، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنَّه قال مُرغِّبًا لكم في تفطير الصائمين، بتبيين فضله، وحُسن عائده عليكم: «من فطر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً»(12)، فيا له من فضلٍ للمنفقين، وأجرٍ عميمٍ للمحسنين!، نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يرزقنا الجود والإحسان.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله لي ولكم من كل ذنب، وأتوب إليه.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدُ:
أيها المسلمون: كثيرٌ من الناس يظن الجود هو بذل المال فقط، مع أن الجود مفهومه واسع، وميدانه شامل، فهو بذل ما ينبغي من الخير (كل الخير).
وقد عدّد ابن القيم مراتب الجود، وذكر أنها عشر مراتب:
- إحداها: الجود بالنفس، وهو أعلى مراتب الجود.
- الثانية: الجود بالرياسة، فيحمل صاحبه على امتهان رياسته، والجود بها، والإيثار في قضاء الحاجات.
- الثالثة: الجود براحته ورفاهيته، وإجمام نفسه، فيجود بها تعبًا وكدًّا في مصلحة غيره.
- الرابعة: الجود بالعلم وبذله، والجود به أفضل من الجود بالمال؛ لأن العلم أشرف من المال.
- الخامسة: الجود بالنفع بالجاه كالشفاعة والمشي مع الرَّجل إلى ذي سلطان ونحوه.
- السادسة: الجود بنفع البدن على اختلاف أنواعه.
- السابعة: الجود بالعِرْض، كما روي عن بعض الصحابة أنه كان إذا أصبح قال: “اللهم إنه لا مال لي أتصدق به على الناس، وقد تصدقت عليهم بعرضي، فمن شتمني، أو قذفني ؛فهو في حِل”.
- الثامنة: الجود بالصبر، والاحتمال، والإغضاء.
- التاسعة: الجود بالخُلُق والبِّشر والبسطة، وهو الذي بلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وهو أثقل ما يوضع في الميزان.
- العاشرة: الجود بتركه ما في أيدي الناس عليهم، فلا يلتفت إليه، ولا يستشرف له بقلبه، ولا يتعرض له بحاله، ولا لسانه، وهذا الذي قال عبد الله بن المبارك: “إنه أفضل من سخاء النفس بالبذل”(13).
عباد الله: علينا أن نعرف المعنى الحقيقيّ الشّامل للجود الذي كان عليه نبيُّنا – عليه الصَّلاة والسَّلام – فنتبعه فيه، ونعمل بما استطعنا منه، ولا يكون يوم صومنا ويوم فطرنا سواءً، فمَن يدخل عليه رمضان وهو عاقٌّ لوالديه، وقاطعٌ لرحمه، ومصارمٌ لإخوانه، وهاجرٌ لقرابته: إنَّ هذا ما عَرَف معنى الجود! وما عرف الجود مَن ساء خلقه، وقَبُح كلامُه، وطال لسانه، وما عرف الجود مَنِ انْتَقَم لنفسه، ولم يعف ويصفحْ، وما عَرَف الجود مَن لم يدفعْ بالتي هي أحسن ويصبرْ، ومن لم ينفقْ بسخاءٍ في شهر العطاء فما عرف الجود، ومَن لم يبذلْ في وجوه البذل المختلفة فما عرف الجود!
أيها المسلمون: تلك أنواع الجود ومراتبه، وقد كان جوده ﷺ شاملاً جميع أنواع الجود ومراتبه، فبأيِّ هذه المراتب أخذنا؟ وأي تلك الأنواع فعلنا؟ هل جُدنا بأنفسنا، وبذلنا جاهنا، فشفعنا لأصحاب الحاجات، وفرَّجنا الكربات؟ وهل أنفقنا أموالنا، وأكثرنا من الصَّدقات والهبات؟ وهل فطَّرنا الصَّائمين، وخدمنا القائمين؟ هل طهَّرنا ألسنتنا من اللَّغو والرَّفث، وقول الزُّور، وشهادة الزُّور؟ هل عاملنا النَّاس بِخُلُقٍ حسنٍ، وابتسمنا في وجوههم؟ هل رحمنا الضُّعَفاء، وأدخلنا الفرحة والسُّرور عليهم؟ هل أجبنا دعوات المصلحين فعدنا إلى أرحامنا فوصلناها؟ هل احتملنا أذى القرابات والجيران والأصحاب؟
إن كنَّا قد فعلنا ذلك فهنيئًا لنا العلم النافع، ومباركٌ علينا العمل به، وإن نكنْ قد قصَّرنا فيما نستطيع من ذلك فأين منَّا الجود؟ وأين نحن من الجود؟(14).
وإنَّ من الجود في هذا الشهر الذي يستطيعه كل أحد: الجود بالمسامحة والعفو والصفح، والتخلق بالأخلاق الحسنة، والجود على أبناء أمتنا بمحاسن الأخلاق، والتكافل المعنوي والمادي حتى نصبح كالجسد الواحد، والبناء المرصوص الذي يستعصي على الأعداء هدمه.
أيها الأغنياء والموسرون: هذا شهركم، وهذا ميدانكم، فطوبى لكم، فقد سبق أهل الدثور بالأجور، فجودوا وتأملوا قول الله تعالى: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا [سورة الحديد:10]، وقوله تعالى: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا [المزمل: 20] وقوله تعالى: مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [سورة البقرة:245].
فتفقّد – أيها الغني – أموالك التي أودعك الله إياها، وأخرج الزكاة الواجبة عليك، فإنها ركن من أركان الإسلام، وفريضة من فرائض الدين، فإخراجها في هذا الشهر أعظم وأفضل؛ لشرف الزمان! ثم لتكثر من البذل والإنفاق في سبيل الله ، فإن الأجر على ذلك عظيم، والثواب عليه جزيل.
هل تعلم – أيها الغني – أن من بيننا أسراً لا عائل لها، تبيت هذه الأسر طاوية جائعة، في بعض الليالي لا تجد قيمة الخبز، وهل تعلم أن من بيننا أسراً معرضة للطرد من البيت؛ لأنها لا تجد قيمة الإيجار؟ وهل تعلمون أن أسراً تعيش بيننا في غرفٍ صغيرة، قد قتلها الحرمان! ومسها ألم الفقر والحاجة، وهذه الأسر لا تحتاج منا كبير عناء في البحث عنها؛ لأنها قريبةٌ منا، لكن منعها الحياء والتعفف أن تمد يدها لك، هذه الأسر قد تعيش في الظاهر مستورة؛ لكنها تغلق بابها على ما ابتُليت به من الفقر والحاجة.
وأنت كذلك – أخي المُقِلّ – عوِّد نفسك على الصدقة والبذل ولو بالقليل، فاتقِّ النار ولو بشق تمرةٍ، أو بالمشاركة في المشاريع الخيرية المتنوعة في رمضان وغيره، والسعي على الأرملة والمسكين، وتحرّي مواضع وأزمنة الجود، ووقت الفاقة والحاجة.
ومما يجب على المنفق أن يراعيه في إنفاقه: أن لا يستعظم ما ينفقه، فإن المستعظم لفعله معجبٌ به، والإعجاب إذا دخل النفس أفسدها، وإذا مازج القلب أفسد الإخلاص.
كذلك مما يجب عليه: أن لا يفسد زكاته وصدقته بالمنّ والأذى، فيحتقر الفقير لفقره، أو يظهر له احتياجه له، أو فضله عليه.
قال المولى الجليل: قَوۡلٌ مَّعۡرُوفٌ وَمَغۡفِرَةٌ خَیۡرٌ مِّن صَدَقَةٍ یَتۡبَعُهَاۤ أَذىۗ وَٱللَّهُ غَنِیٌّ حَلِیمٌ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُبۡطِلُوا۟ صَدَقَـٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ كَٱلَّذِی یُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَاۤءَ ٱلنَّاسِ وَلَا یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۖ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ صَفۡوَانٍ عَلَیۡهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُۥ وَابِلٌ فَتَرَكَهُۥ صَلۡدًاۖ لَّا یَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَیۡءٍ مِّمَّا كَسَبُوا۟ۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ [سورة البقرة:263-264].
عباد الله: ومن الإحسان في شهر الإحسان: أن يتقرب المسلم فيه لربه بصلة رحمه ابتغاء مرضاته، وعظيم ثوابه، وإزالة لما قد يقع في النفوس من شحناء، فالمبادرة بالزيارة والصلة – وإن كانت شاقة على النفس – عظيمة القدر عند الله، والصدقة على الأرحام والأقارب المحتاجين صدقة وصلة، ويزداد فضلها في هذا الشهر، فهم أوْلى كما قال تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [سورة الأحزاب:6].
فجودوا – أيها الصائمون – يبارَك لكم، وأنفقوا يُنفَق عليكم، وقدموا لأنفسكم تجدوه عند ربكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
- أخرجه مسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الأمر بإحسان الذبح والقتل، وتحديد الشفرة برقم (1955).
- أخرجه البخاري في الإيمان، باب إطعام الطعام من الإسلام برقم (12) ومسلم في الإيمان، باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل برقم (39).
- أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (5081) وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/ 564): “حسن لغيره”.
- أخرجه الترمذي في أبواب صفة الجنة، باب ما جاء في صفة غرف الجنة برقم (2527) وحسنه الألباني.
- أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل عيادة المريض برقم (2569).
- لطائف المعارف لابن رجب (ص:164).
- الأبيات في نهاية الأرب في فنون الأدب (3/ 184) لأبي تمّام.
- البيت في المحاسن والأضداد (ص:168) لذي الرمة.
- في ديوان عبد الغني النابلسي (ص:383) ويُنسب لغيره، والله أعلم.
- لطائف المعارف لابن رجب (ص:168).
- المصدر السابق.
- أخرجه الترمذي في أبواب الصوم، باب ما جاء في فضل من فطر صائماً برقم (807) وصححه الألباني.
- مدارج السالكين (2/ 281).
- ينظر: (رمضان والجود) للشيخ عبد الله بن محمد البصري. الألوكة. بتصرف.