العدل صفة ضرورية لمعلم القرآن

العدل صفة ضرورية لمعلم القرآن

العدل صفة ضرورية لمعلم القرآن

 

الحمد لله الذي جعل العدل من صفات المؤمنين، وأمر به المكلفين أجمعين، فوفق له من وفق، وأضل عنه المجرمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.. أما بعد:

فإن معلم القرآن الكريم ممن أثنى عليهم النبي – صلى الله عليه وسلم – وبين فضلهم بما جاء عن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).1

وإن من الصفات التي ينبغي على معلم القرآن الكريم التحلي بها سواء كان يدرس في المسجد أو غيره: صفة العدل بين الطلاب.

وإذا انتشر العدل في أي مكان أو زمان حل الأمن والخير بالأمة، وإذا عدم حلت النكبات بالناس، وإن من أسباب نجاح حلقات التحفيظ أن يكون المعلم مهتماً بجميع الطلاب، لا يحمله احترام شخص على أن يظلم الآخرين لأجله، أو يقدمه عليهم لشيء في نفسه.

وفرق بين العناية بطالب من الطلاب، وبين أن يهضم آخرين حقهم، فمن حق الطالب المثابر الذي يداوم على الحضور أن يحظى بعناية المدرس واهتمامه، ولكن تكمن أهمية العدل بين الطلاب المتساويين في المثابرة والحضور، فينبغي هنا أن يراعي مسألة العدل بينهم.

والعدل يكون بأمور:

أولاً: في توزيع وقت التلاوة والتسميع لهم إذا كانوا متساويين في الحفظ، لأن زيادة وقت طالب على الآخر يؤدي إلى الحقد عليه من قبل الآخرين.

ثانياً: العدل في الدرجات والمكافآت، فلا يفضل أحداً على الآخرين بمقتضى العاطفة، أو العلاقة الخاصة بينهما، وإنما يكون بحسب ما عند الطالب من إتقان ومثابرة.

ثالثاً: العدل في العقوبة إن احتاج إليها كردع وزجر، فلا يتغاضى عمن بينه وبينه ألفة وود لو أخطأ، ويعاقب الآخرين بمجرد صدور الخطأ منهم، مع العلم أن الوسائل المشروعة للتأديب لا بد أن تخلو من العنف والتأنيب، وأن يكون ذلك عتاباً هادفاً؛ لأن بعض المدرسين ينتقم لنفسه فيجحف في العقوبة، فيكون ذلك سبباً في نفور الطالب عن حلقات تعليم القرآن الكريم.

رابعاً: وقد يكون العدل في توزيع الابتسامات والكلمات الطيبة للجميع من خلال حثهم على مواصلة التعليم، والدعاء لهم، فليس من اللائق بالمدرس العناية ببعض الطلاب بالدعاء لهم، والثناء عليهم، وترك الآخرين، إلا في حالة أن يكون الطالب مجتهداً ومثابراً على العلم والحضور أكثر من غيره، وكان المدرس يريد بذلك حث الآخرين، وشحذ هممهم ليكونوا مثل أخيهم، فهذا لا بأس به.

وعلى أية حال فإن المعلم الناجح هو من يدير حلقته القرآنية بما يحقق الأهداف التي رسمت لها، ويتجنب كل ما يثير المشاكل والنفور عن الحلقة.

وفق الله مدرسي القرآن الكريم إلى نفع العباد والبلاد، إنه على كل شيء قدير.


 


1 رواه البخاري.