النية في الأذان والإقامة

 

 

 

 

النية في الأذان والإقامة

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على البشير النذير والسراج المنير، نبينا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه، ثم أما بعد:

يقول النبي  : ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))1،فهل تشترط النية لصحة الأذان والإقامة أم لا؟

أولاً: المقصود بالنية هنا هو تمييز العبادات من العادات، وتمييز العبادات بعضها عن بعض.

ثانياً: اختلف الفقهاء في اشتراط النية للأذان والإقامة بهذا الاعتبار على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

أن النية شرط لصحة الأذان والإقامة، وهو قول المالكية والحنابلة ووجه عند الشافعية،قالوا: إن أراد أن يؤذن فغلط فأقام لم يكن أذاناً، ومن أخذ في ذكر الله بالتكبير ثم بدا له عقب ما كبر أن يؤذن فإنه يبتدئ الأذان من أوله ولا يبني على ما قال.

القول الثاني:

أن النية ليست شرطاً لصحة الأذان والإقامة ولكنها مندوبة، وهو الصحيح عند الشافعية،إلا أنهم قالوا يشترط عدم الصارف، فإن قصد به تعليم غيره لم يعتدّ به.

القول الثالث:

أن النية ليست شرطاً لصحة الأذان والإقامة، وهو قول الحنفية، قالوا: فلو افتتح الأذان فظن أنها الإقامة فأقام في آخرها بأن قال: قد قامت الصلاة، ثم علم فإنه يتم الأذان ثم يقيم.

سبب الاختلاف:

يرجع سبب اختلاف الفقهاء في اشتراط النية لصحة الأذان والإقامة إلى اختلافهم فيما يشترط فيه النية من العبادات، فهم متفقون على اشتراط النية في العبادات من حيث الجملة، ولكن هناك من قسَّم العبادة إلى ضربين:

الضرب الأول: عبادة محضة أي: غير معقولة المعنى.

الضرب الثاني: عبادة معقولة المعنى.

وبتقسيم آخر: عبادة تكون قصداً، وعبادة تكون وسيلة.

فهم متفقون على اشتراط النية في العبادة المحضة أي غير معقولة المعنى، والتي تعتبر مقصداً كالصلاة والصوم والحج ونحوها.

أما العبادة المعقولة المعنى التي تعتبر وسيلة كستر العورة، والأذان والإقامة،وابتداء السلام فهذه على خلاف بينهم.

وعلى هذا فمن لم يأخذ بالتقسيم السابق اشترط النية لصحة الأذان والإقامة، ومن أخذ بالتقسيم السابق واعتبر الأذان والإقامة من القسم الثاني جعلهما من الوسائل وليسا من المقاصد لم يشترط النية لصحتهما.

وقد استدل أصحاب القول الأول القائلون باشتراط النية لصحة للأذان والإقامة بقول النبي  : ((إنما الأعمال بالنيات..))2، فدلالة الحديث عندهم عامة تشمل الصحة وحصول الثواب، بمعنى أن العمل لا يصح ولا يقبل إلا بالنية.

أما من قال بعدم اشتراط النية فدلالة الحديث عنده خاصة بحصول الثواب.

والراجح هو القول الأول وذلك لعموم الحديث3، والله أعلم، وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


1  رواه البخاري (1) ومسلم (1907).

2  سبق تخريجه.

3 مستفاد من كتاب أحكام الأذان والنداء والإقامة لسامي بن فراج الحازمي.