أماكن الفساد في الحي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مما ينبغي على المسلمين فعله؛ محاربة الفساد الأخلاقي المتواجد في الأحياء والمناطق المختلفة، فإن القيام على ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أثنى الله – تعالى- على هذه الأمة بقيامها به قال – تعالى-: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ.. (110) سورة آل عمران.
ويأتي هذا القيام امتثالاً لأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).1
وإذا ترك أهل الباطل في باطلهم استفحل الفساد، وانتشر الشر، وعمت عقوبات الله – تعالى- على العباد، وقد تأتي العقوبات الإلهية على الجميع نسأل الله السلامة كما قال – سبحانه وتعالى -: وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) سورة الأنفال.
وكما في الحديث عن زينب بنت جحش – رضي الله عنها – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – دخل عليها فزعاً يقول: (لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه)، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش: فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: (نعم إذا كثر الخبث).2
ولقد انتشرت وسائل الخبث والفساد في زماننا حتى دخلت إلى البيوت والجبال والأودية، ولعل أشد ما يجلب الخبث إلى بيوت المسلمين وسائل الاتصال المختلفة، مع العلم بما لها من فائدة كبيرة، إلا أن الكثير يستخدمها في أمور الفساد والمعاصي والمنكرات.
ونحن هنا لا يهمنا التركيز على وسائل الفساد؛ إنما الذي يعنينا هو كيف نقاوم أماكن الفساد، ونقلل منها إن لم نقدر على استئصالها، ولعل من أماكن الفساد المنتشرة في بعض الأحياء: أماكن بيع الأشرطة الماجنة كالغناء والأفلام الماجنة، وأماكن الألعاب التي يوجد بها منكرات، أو أماكن الدعارة إن وجدت، أو نحو ذلك.
وهناك أمور ظاهرة يجاهر بها البعض وأصبحت من الأمور العادية في حياتهم كبيع أشرطة الأغاني، وبيع الدخان.. ونحو ذلك.
والذي ينبغي على كل مسلم ومسلمة فعله هو القيام لله – تعالى- بالنهي عن المنكرات التي يراها بحسب الإمكان، فقد يقدر أحدنا على التغيير بيده ما لا يقدر غيره، وقد يقدر الآخر على التغيير باللسان، وأقل وسائل الإنكار بالقلب، فمن لم يتمعر وجهه، ولم ينكر قلبه ذلك المنكر؛ فعليه أن يراجع إيمانه، ويجدد يقينه.
ويمكن التعامل مع أماكن الفساد المنتشرة في الحي بالطرق الآتية:
– مراقبة تلك الأماكن، وخاصة الأماكن التي يشك أن فيها فساداً كبيراً كأماكن الدعارة.
– نصح أصحابها أولاً عن طريق إرسال رسائل لهم، أو الكلام معهم مباشرة، أو عن طريق التلميح في خطبة الجمعة، أو محاضرة تلمح إلى الفساد الموجود، مع تجنب التخصيص فقد كان من فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا، ولأن التشهير بالأسماء أو تحديد الأماكن من أول وهلة يصدم أصحابها، فيزيد الشر، وتقسو القلوب، وربما صدهم ذلك عن الهداية، والمسلم مطالب بالستر إذا كان ذلك سبيلاً إلى التوبة، وترك المنكرات.
– إذا استجاب أصحاب تلك الأماكن وبدؤوا يقلعون عن ذلك الفساد فالحمد لله، وإلا شكي أمرهم إلى الجهات المختصة، والتي من شأنها القيام بما يلزم تجاه تلك الأماكن.
– بالنسبة لأماكن بيع الأشياء المحرمة كالدخان وأشرطة الأغاني وغيرها فيمكن للدعاة وأهل الخير المرور على تلك المحلات، ونصح أصحابها ببيع الأفضل والحلال، وتجنب الحرام فليس فيه فائدة، بل قد يكون فيه محق للبركة، ودخول في الإثم.
– توزيع منشورات ومطويات للتحذير من الفساد، وعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة.
– لا بأس أن يجتمع جماعة من أهل الحي في المسجد أو في أي مكان لمناقشة ذلك المنكر، وما هي الخطوات التي يقومون بها للإنكار.
هذا بعض مما ينبغي على أهل المسجد فعله تجاه أماكن الفساد بالتعاون مع أهل الخير من أهل الحي، والله ولي العباد، ونسأله التوفيق والسداد، وصلى الله على نبينا محمد خير العباد، وعلى آله وصحبه والتابعين له إلى يوم التناد، وسلم تسليماً كثيراً.