التوفيق بين الدراسة النظامية والحلقة

التوفيق بين الدراسة النظامية والحلقة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

طلب العلم من أشرف الأعمال عند الله – تعالى- وخاصة العلوم الشرعية التي ثبت في كتاب الله – تعالى- وسنة رسوله  الحث عليها، وبيان عظيم أجر تعلمها، وينبغي للإنسان مواصلة العلم الشرعي والعلوم الأخرى في المدارس النظامية حتى يصل إلى أعلى المقامات الدينية والدنيوية ما دامت الظروف تسمح له بذلك؛ لأننا في عصر تغيرت فيه المهمات والواجبات؛ ولأن الشهادة الثانوية أو الجامعية لها دورها في دخول الطالب مجالات الحياة المختلفة فيكون في ذلك مؤثراً في واقعه بما يحمله من علم وخبرة وشهادة.

وإذا كان طالب التحفيظ يدرس في مدارس نظامية فينبغي عليه ألا يفرط في أحدهما، وأن تكون عنده القدرة على التوفيق بين الدراسة في التحفيظ، وبين مواصلة الدراسة في المدارس أو الجامعات. فإن المسلمين بحاجة إلى الطبيب المسلم المحافظ على دينه، الحافظ لكتاب ربه، العارف بشرع الله – تبارك وتعالى -، وهم بحاجة إلى المعلم الناجح في تعليمه وتربيته، المؤثر في طلابه، الذي يخرج للأمة جيلاً يقودها إلى الخير والمنافع المختلفة.

وهم بحاجة إلى الطيار المسلم المؤمن الذي يخشى الله، والمهندس الأمين، وغير ذلك من وجوه الاحتياجات التي لو توفر فيها الأكفاء الصالحون لنعمت الأمة بخير الدين والدنيا.

وينبغي على الطالب في التحفيظ ألا يهمل الدراسة النظامية بدعوى أنه مسجل في الحلقة القرآنية؛ لأن هذه حجة الكسالى، وأعذار المتهربين من الواقع، فإننا – بعون الله وتوفيقه – نلاحظ ونشاهد من قد جمع بين المدارس النظامية وحلقات التحفيظ ومع هذا تجده ذكياً فيهما جميعاً، وإن الله – تعالى- يوفق طالب العلم المثابر – الذي يحفظ القرآن، ويعمل به – في دراسته في العلوم الأخرى، وكل هذا عائد إلى النية الصالحة، والهمة العالية، والهدف الواضح الأعلى.

وعلى مدرس القرآن الكريم في الحلقة القرآنية أن يحث طلابه على طلب العلم الشرعي والنظامي ما دام الطالب ليس لديه ظروف قاهرة تمنعه من ذلك، وأكثر الطلاب أمورهم ميسرة من آبائهم ومن يعولهم بحمد الله.

وللتوفيق بين المدارس النظامية والتحفيظ وسائل عديدة منها:

1-  أن توجد في الطالب الهمة العالية في طلب العلم.

2-  الإخلاص لله – تعالى- في تعلم القرآن الكريم، فإنه يهون عليه تعب دراسته، ويفتح الله له باباً من الذكاء والفهم السريع.

3- أن يستعين الطالب بالله – تعالى- أولاً في كل أموره، ثم يطلب العون من مدرس الحلقة أو أي مدرس آخر أن يذاكر معه دروسه إذا كان هناك ضغط أعمال، وزحمة طلبات سواء من الأسرة، أو المدرسة أو غير ذلك.

4-  أن ينسق الطالب وقته تنسيقاً محكماً، بحيث لا يغلب واجب على آخر، ولا يهمل شيئاً على حساب شيء آخر.

5-  أن يصاحب الأذكياء والمثابرين من زملاء دراسته في المدرسة حتى يسهلوا عليه الكثير من الصعوبات.

6- إذا كان التحفيظ بعد العصر والدراسة صباحية فينبغي للطالب أن يستعد للحفظ من فجر ذلك اليوم، أو من الليل؛ حتى يأتي إلى التحفيظ مستعداً لعرض الحفظ والمراجعة.

7- أن يعطي المدرس للطلاب إجازة للمذاكرة أيام الامتحانات في المدرسة؛ فلا يجمع عليهم بين واجبات التحفيظ وهموم المذاكرة؛ فمن الحكمة مراعاة الظروف حتى يستمر الطالب في التحفيظ طويلاً.

هذه بعض الوسائل التي يمكن للطالب أن يوفق بها بين الدراسة النظامية وحلقة التحفيظ، والله الموفق والهادي.