حكم أذان الفاسق

حكم أذان الفاسق

حكم أذان الفاسق

 

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:

لا خلاف بين الفقهاء في أنه ينبغي اختيار المؤذن العدل، وقد جعلوا العدالة شرطاً في المؤذن الذي يعتمد عليه في دخول الأوقات أي الذي يؤذن ابتداءً ويعتمد عليه غيره، فالفاسق لا يرتب مؤذناً، لأن الأذان مشروع للإعلام، والفاسق لا يقبل قوله ولا يوثق به.

فإن لم يكن هو المعتمد عليه في دخول الأوقات ابتداءً، فقد اختلفوا في صحة أذانه على قولين1.

القول الأول: أنه يصح أذانه، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة.

أدلتهم:

1- أن الفاسق ذكر تصح صلاته فيعتد بأذانه كالعدل2.

2- لأن الأذان مشروع لصلاته وهو من أهل العبادة، فصح أذانه كالإقامة3.

القول الثاني: أنه لا يصح أذانه ، وهو رواية عند الحنابلة هي المذهب.

أدلتهم:

1- من السنة: حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن".

2- حديث أبي محذورة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" أمناء المسلمين على صلاتهم وسحورهم المؤذنون".

وجه الدلالة من الحديثين: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- وصف المؤذن بالأمانة، والفاسق غير أمين4.

3- حديث عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:" ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم أقرؤكم".

وجه الدلالة: أن الحديث دلّ على أن المؤذن يكون من خيار الناس، والفاسق ليس كذلك.5

ثانياً : من المعقول:

أن الأذان مشروع للإعلام ولا يحصل الإعلام بقوله لأنه ممن لا يقبل خبره ولا روايته6.

الترجيح: الراجح_ والله أعلم- هو القول الأوّل القائل بصحة أذان وإقامة الفاسق إذا لم يكن هو المعتمد عليه في دخول الوقت ابتداءً وذلك لوجاهة ما استدلّوا به، وأمّا ما استدلّ به أصحاب القول الثاني فيمكن مناقشته بما يلي:

1- أنّ حديثي أبي هريرة وأبي محذورة اللذين جاء فيهما وصف المؤذن بالأمانة، ليس فيهما ما يفيد عدم صحة أذان وإقامة الفاسق.

2- أن حديث عبد الله بن عباس:" ليؤذن لكم خياركم.." ضعيف.

3- الاستدلال بأن الفاسق لا يقبل خبره ولا روايته، هذا تعليل ليس بوجيه لأن الرواية تختلف عن الأذان من وجوه عديدة ليس الأذان منها.7 8.

اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، اللهم علمنا علماً ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك سميع قريب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.


1 – راجع: المغني(2/68-69). والمجموع(3/108-109)، ومغني المحتاج(1/138).وغيرها من مراجع الفقه.

2 – المغني(2/69).

3 – المبدع(1/328).

4 – الشرح الكبير مع المغني لابن قدامة (1/428-429).

5 – أحكام الأذان والنداء ص(265).

6 – المغني(2/68).

7 – مفرادات مذهب الإمام أحمد في كتاب الصلاة ص(52).

8 – أحكام الأذان والنداء ص(266).