فـن إدارة الحلقـة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،، أما بعد:
فإن حلقات تعليم القرآن الكريم التي تقام في المساجد أو غيرها لها أثر عظيم على شباب الإسلام وفتياتهم ونسائهم ورجالهم، وإن أثرها ملحوظ ظاهر في أرجاء الأرض، وهذا كله منة من الله ورحمة أن وفق بعض أبناء المسلمين للقيام بذلك..
وبما أن للحلقة القرآنية أهميتها وأثرها الظاهر في الواقع، فإن على مسؤول كل حلقة أن يكون لديه الخبرة الكافية لإدارتها وتحسين مستواها، وسوف تُطرح بعض المهمات في حلقة القرآن التي ينبغي أن يراعيها معلم القرآن الكريم، وهو ما يسمى بفن إدارة الحلقة..
ينبـغي للمـدرس أثنـاء إدارتـه للحـلقة التنـبه لبـعض الأمور..
ومن أهمـها:
1- تعويد الطلبة على سلوكيات وآداب تنضبط بها الحلقة، ومن ذلك:
– تعويدهم على آداب الاستئذان في الحلقات:
ومنها: أن يكون طلب الإذن بالإشارة برفع اليد لا بالكلام؛ حتى يتم المحافظة على هدوء الحلقة ووقارها. وأن لا يطلب الطالب الإذن بالخروج لشرب أو قضاء حاجة، ونحو ذلك وقد سبقه إلى ذلك أحد زملائه إلا في حال الضرورة.
– تعويد الطلبة على آداب السلام، ومنها: السلام عند المجيء مع المصافحة، إلا إذا بدأ الطلاب بالتحلق، فيسلم بدون مصافحة؛ لأن ذلك يؤثر على انضباط الحلقة. وأيضاً: السلام عند الانصراف من الحلقة بعد الاستئذان.
– تعويد الطلبة على آداب الجلوس في الحلقات، ومنها: أن يجلس الطالب جلسة سكينة ووقار على مرأى من المدرس، وأيضاً: أن يجلس حيث انتهى به المجلس، غير مفرق بين اثنين إلا بإذنهما ونحو ذلك.
– تعويد الطلبة على أداء تحية المسجد إذا كانت الحلقة في مسجد.
– إذا كانت الحلقة بعد صلاة مفروضة، فيتم تعويد الطلاب على جلوسهم في أماكنهم التي صلوا فيها، وعدم قيامهم منها إلا بعد جلوس المدرس في مكانه في الحلقة تفادياً للإزعاج والضوضاء.
– تعويد الطلبة على الانصراف المنظم من الحلقة بهدوء وتؤدة، وعدم السماح لهم بالخروج دفعة واحدة.
2- أن يجلس المدرس جلسة سكينة ووقار، وفي مكان بارز يرى منه جميع الطلاب، حتى يتمكن من توجيههم وضبطهم بيسر وسهولة.
3- أن يضبط المدرس الحضور والغياب في بداية وقت الحلقة بواسطة دفتر المتابعة.
4- على المدرس أن يلتزم العدل والإنصاف مع التلاميذ، سواء أكان ذلك من جهة الدور، أم من جهة النظرات، أم عدد مرات التسميع للحفظ والمراجعة، أم الإذن بالخروج الغياب، أم التغاضي عند الخطأ، أم التأديب المعنوي والجسدي في حال تساوي الأسباب والمسوغات.
5- الانتباه للطلبة أثناء الحلقة، وقيامه بإيقاظ النائم، وتنبيه الغافل، وزجر الكسول، وتشجيع المجتهد.
6- العناية بحسن ترتيب الحلقة ومراعاة الكبير والصغير، بحيث لا يجلس طالب صغير بجوار كبير، وأن يجلس الطلبة بصورة منتظمة، وليجتنب جعل بعض الطلاب وسط الحلقة، أو بعضهم أمام بعض إلا لضرورة كتسميع عليه ونحوه.
7- يفضل أن يوجد في مكان الحلقة دولاب مغلق، يضع فيه المدرس مصاحف الطلاب، ودفاتر المتابعة، وما يخصه من قلم وعصا.. ونحو ذلك.
8- ينبغي للمدرس أن لا يطيل وقت الدرس تطويلاً يمل، ولا يقصره تقصيراً يخل، وأن يراعي في ذلك مصلحة الطلبة، وفائدتهم من التطويل أو التقصير.
9- ينبغي للمدرس الترويح عن الطالب، وإعطائه فرصة للاستراحة، فبعد حفظه مثلاً ُيمكّن من التسميع للآخرين إن كان مناسباً للقيام بذلك ونحو ذلك، ثم بالمراجعة.
10- ينبغي للمدرس أن يختار يوماً في الشهر لإيقاف الحلقة، وإقامة درس علمي أو وعظي، أو لتناول مشكلة من المشاكل التي تواجه الطلاب داخل الحلقة، أو خارجها، وإرشادهم إلى طريق حلها وتلافيها.
11- يجب أن يكون المدرس في إدارته للحلقة حازماً من غير عنف، ليناً من غير ضعف، بحيث لا ينفر منه الطلاب لعنفه، ولا يستهينون به لضعفه.
ثانياً: توجيهات عامة حول معاملة المدرس لطلابه:
1- لا بد للمدرس من محاسبة نفسه وضبط تصرفاته بصفة عامة، وفي زمن الحلقة أثناء تعامله مع الطلبة ومخالطته لهم بصفة خاصة؛ لأن الطلاب يعدونه قدوة صالحة لهم يتلقون أفعاله وأقواله في غالب الأحيان، ويرونها عملاً مقبولاً.
2- ينبغي للمدرس أن يحترم طلبته ويتلطف معهم ويكرمهم بحسن الحديث، وطيب اللفظ، وطلاقة الوجه؛ وذلك لكونهم يتدارسون القرآن الكريم، ويطلبون حفظه، ونجاحه عند قيام الطالب بالتزام الآداب الحسنة، وما هو مطلوب منه من حفظ ومراجعة، ونحو ذلك.
3- ينبغي للمدرس أن يكون منصتاً، غير متشاغل أثناء قراءة الطالب عليه أو حديثه معه.
4- ينبغي للمدرس أن يكون حليماً على طلبته حين خطئهم، واسع الصدر، كاظم الغيظ، صابراً على تربيتهم، محتملاً لأذاهم ومشاقهم، متلطفاً في إفهامهم، وخاصة حين انغلاق فهم أحدهم، وعدم تمكنه من سرعة إصلاح الخطأ ومعالجته.
5- ينبغي للمدرس تجنب الأمور التي تسقط الحشمة وتقلل المهابة كالمزاح، وكثرة الضحك وغير ذلك.
6- على المدرس أن يسعى إلى تقوية شخصية طلبته، وغرس الثقة والعزة في نفوسهم، وتجنب تحطيم معنوياتهم، أو استصغارهم وكبت طموحاتهم.
7- على المدرس أن يقوم بملاحظة الأمور التي تؤدي إلى نفرة الطلاب، وعدم أخذهم عنه والحرص على تجنبها، وهي كثيرة منها:
– سوء الخلق وبذاءة الألفاظ.
– التعيـير للطالب وتلقيبه ببعض الألقاب السيئة.
– التأديب في غير وجـه حق.
– تكليف الطلاب بدفع أجر للمدرس على تعليمه إياهم القرآن وخصوصاً في المجتمعات الفقيرة.
– استخدام المدرس الطلاب في قضاء أغراضه الشخصية.
– عدم إتقان المدرس ما يقوم بتدريسه.
– ضعف متابعته للطلاب، وملاحظتهم من حيث الحضور والغياب والحفظ، واستيعاب المواد العلمية ونحو ذلك.
8- على المدرس أن يستفسر عن أحوال الغائبين، ويطمئن على أحوالهم، ويتعرف على أسباب غيابهم.
9- على المدرس أن يتودد إلى الطالب الجديد أو الغريب إذا حضر عنده، وينبسط له لينشرح صدره، وتزول الوحشة لديه.
10- ينبغي للمدرس أن يشجع مبدأ المناصحة بأسلوب حسن لدى الطلاب، سواء كان ذلك بينه وبينهم، أم بين الطلاب بعضهم البعض.
11- على المدرس أن يجتنب الأكل والشرب وحده (عدا الماء) أما الطلبة في الحلقة مهما كانت الظروف.
12- على المدرس أن يكون على صلة طيبة بطلابه، سواء أثناء فترة دراستهم، أو بعد ختم أحدهم للقرآن عليه.
13- يمكن أن يكون تعامل المدرس مع طلبته خارج الحلقة من خلال الآتي:
– السلام عليهم حين رؤيتهم.
– عيادة مريضهم.
– تفقد أحوالهم والسعي في مصالحهم، ومساعدتهم على مواصلة الطلب بما يستطاع.
– حثهم على تعلم الخير والدعوة إليه، وإرشادهم إلى السبل المثلى لتحقيق ذلك.
أخيراً: فليعلم المدرس أنه قائم على ثغرة من ثغور الإسلام، وأنه بعمله المتواضع قد قدم خدمة عظيمة لدينه ولأمته، والله ولي الهداية والتوفيق،،،
هذا وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.1