ترسيخ مفهوم التوحيد في الحج

المناسك وصفة الحج

 

ترسيخ مفهوم التوحيد في الحج

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

عباد الله:

اعلموا – رحمكم الله – أن الله – تعالى- خلقنا لعبادته وطاعته ولم يخلقنا سدى وهملاً وعبثاً، وأعظم العبادات والقربات التي جاء بها الأنبياء جميعاً: الأمر بتوحيد الله وترك الشرك به، ولقد كان رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – أعظم من دعا إلى الله، وبلغ البلاغ المبين، وترك الناس على المحجة البيضاء، وأمر بتوحيد الله، ورسخ مفهوم التوحيد في كافة مجالات الحياة، ومن تلك المواطن والمجالات:

حج بيت الله الحرام، فهو من أعظم المواطن التي يتجلى فيها توحيد الله وإفراده بالعبادة، وقد قال الله – سبحانه وتعالى -: (( وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) 97 سورة آل عمران، فهذه الآية توجب الحج على الناس المستطيعين له، وأن يكون الحج لله وحده، وفيها الأمر بإخلاص العبادة لله لأنه قدم الجار والمجرور وهو يدل على الحصر أي حصر عبادة الحج لله رب العالمين.

وقال الله – عز وجل -: (( وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ)) 196: سورة البقرة، فأمر الله – تعالى- بإتمامهما من أجل الله – تعالى-، وفيه أمر بالتوحيد وإخلاص العبادة له سبحانه.

وآيات سورة البقرة التي ذكرت أحكام الحج تبين ضرورة إفراد الله بالذكر والعبادة وتأدية المشاعر كما قال – تعالى-: (( وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّه )) ثم ذكر بعدها الآيات ومنها قوله – تعالى-: (( فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ ))(198: سورة البقرة )، وقوله: (( فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا))(200: سورة البقرة)، إلى قوله: (( وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ))(203) سورة البقرة، فالآيات من أولها إلى آخرها فيها التنويه والحث على ذكر الله – تعالى-، وذكر الله يتضمن إفراده بالذكر والتسبيح، والتهليل والتكبير.

وفي سورة الحج ترشد الآيات إلى توحيد الله وترك الشرك به فأول الآيات: (( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ))(26: سورة الحـج) إلى قوله – تعالى-: (( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ))(27: سورة الحـج ) ثم قال – تعالى-: (( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ*حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ* ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ))(30-32: سورة الحـج)، ثم قال – تعالى-: (( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ))(34: سورة الحـج)، ثم قال – تعالى-: (( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ*لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ))(37: سورة الحـج).

فكل هذه الآيات ترشد الناس إلى ذكر الله على كل حال، وإلى توحيده في العبادة والطاعة، والذبح والمناسك كلها، وتنفر من الشرك الذي هو ضد التوحيد، وتشبِّه حال من يشرك بالله كرجل سقط من السماء بقوة فتخطفه الطير وتقطعه إرَباً إرباً، أو تهوي به الريح في مكان سحيق!

ومن معالم التوحيد في المناسك: ما يحصل من أحكام الإحرام في الميقات من تجرد لله رب العالمين بثياب غير الثياب المألوفة، يستوي في ذلك الغني والفقير، والمأمور والأمير، وما يبتدئ به المحرم من الإهلال ورفع الصوت بالتلبية، يقول جابر بن عبد الله – رضي الله عنه -: (فلما استوت به – أي راحلة رسول الله – على البيداء أهلَّ بالحج)1 ثم يقول المسلم بعد الإهلال: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)2، وهذا الذكر لا يشرع إلا في الحج أو العمرة، وفي التلبية توحيد لله – عز وجل – وإفراد له بالعبادة والذل والخضوع، وتلبية أمره في إيجابه الحج على الناس.

وقد ورد ذكر الحمد والنعمة والملك في التلبية وأنها لا تكون إلا لله:

·       فالحمد لله – تعالى- على كمال صفاته وعظيم جلاله.

·       والنعمة من الله وإليه (( وما بكم من نعمة فمن الله )).

·       والملك لله الواحد القهار.

فكل هذا توحيد، وإفراد الله بهذه الأمور، وإعلاء الصوت بها أمام الجموع الغفيرة، وأي إعلان أعظم من هذا؟

وقد كان المشركون يزيدون على هذه التلبية بقولهم: (لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك!!)، فجاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومحا هذا الشرك، وكان إذا سمعهم يقولون: لا شريك لك، يقول لهم: (قد، قد)3 يعني كفاكم هذا الكلام، فاقتصروا عليه ولا تزيدوا؛ لأن الزيادة التي زادها الكفار شرك.

ومن المعالم التي ترسخ مفهوم التوحيد: الطواف لله بالبيت العتيق، وهذا الطواف هو تعظيم لله، وعبادة لله، وقد قال الله لإبراهيم وإسماعيل – عليهما الصلاة والسلام -: (( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ))(125: سورة البقرة)، وقال: (( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ))(26: سورة الحـج).

وما يحصل في هذا الطواف من الدعاء وإفراد الله به، ومن الالتجاء إلى الله، وسؤاله قضاء الحاجات ومغفرة الذنوب دون ما سواه.

والطواف لم يشرع إلا في هذا الموضع بخلاف سائر العبادات، وهو مظهر عبودية لله – تعالى-، ويتجلى التسليم في مثل هذه الأفعال الحميدة، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: (إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله)4، ففيه ذكر لله بالقول والفعل، وكل ذلك توحيد لله، وإفراد له بالعبادة.

ومن المعالم التي ترسخ التوحيد:

الصلاة وراء مقام إبراهيم ركعتين، حيث يقرأ المصلي فيهما بسورتي (الكافرون) و(الإخلاص) وهما من أعظم السور اللتي توضح مفهوم التوحيد، والولاء والبراء، والحب في الله والبغض في الله؛ اللذين هما أوثق عرى الإيمان.

ومن المعالم التي ترسخ مفهوم التوحيد:

السعي بين الصفا والمروة؛ فإنه عبادة وركن عظيم من أركان الحج، ولا يكون إلا لله وحده لا شريك له؛ وقد جاء في حديث جابر – رضي الله عنه – الذي بيَّن حج النبي – صلى الله عليه وسلم – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (أبدأ بما بدأ الله به)، فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحَّد الله وكبره، وقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)5 ثم دعا بعد ذلك ثلاث مرات.

ولما وقف – عليه السلام – على المروة فعل مثلما فعل على الصفا من التكبير والتهليل والدعاء.

وكل ذلك توحيد لله، وذكر لله؛ بالقول وبالفعل، وهو عبودية لله، وخضوع وذل بين يديه، وافتقار إليه – سبحانه وتعالى-.

ففي الطواف والسعي يتجلى التوحيد والعبودية أكثر مما يتجلى في غيره؛ سواء عرف العبد الحكمة أم لم يعرفها من ذلك، فالتسليم لله ورسوله من أعلى درجات الإيمان، والسعي بدايته ونهايته كله توحيد وعبادة لله – تعالى-، وما بين ذلك من الأذكار والأدعية التي يقولها المسلم كلها ذكر لله، وإفراد له في ذلك.

نسأل الله أن يتقبل منا ومن جميع المسلمين، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم، وهدي رسوله الكريم، ونستغفر الله ونتوب إليه.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي حج بيته الحرام من أعظم شعائر الإسلام، وأرسل للناس رسولاً منهم يبين لهم ما فرض عليهم ربهم من الشرائع والأحكام، عليه من ربه أفضل صلاة وأزكى سلام، وعلى من اتبع هداه وسار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:

هذا هو الحج بمشاعره العديدة التي ترسخ مفهوم التوحيد، وتؤكد على أهميته وضرورته للناس في كل خطوة وحركة، فالدنيا بدون التوحيد ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله منها.

ويترسخ مفهوم التوحيد أيضاً: في التنقل بين المشاعر من منى إلى عرفة، إلى مزدلفة إلى منى، حيث تتجلى العبودية والانقياد والتسليم لشرع الله – تعالى-.

وفي عرفات يقف المسلم وسط ذلك الزحام موحداً لله، ومهللاً وملبياً ومنقاداً لأمر الله في أمره بذلك وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)6 فأفضل ما يقوله المرء المسلم في ذلك الموقف كلمة التوحيد، وإعلان العبودية لله وحده دون شريك.

ويترسخ مفهوم التوحيد في مخالفة المشركين في الدفع من عرفات حيث يكون بعد غروب الشمس، وقد كان المشركون يدفعون قبل غروب الشمس فخالفهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في هديهم ودفع بعد الغروب، وهذا جانب عظيم يترسخ فيه مفهوم التوحيد، لأن مخالفة المشركين من البغض في الله، وهو من أوثق عرى الإيمان والتوحيد، فلم يحب – عليه الصلاة والسلام – موافقة المشركين في شيء من خصائصهم وهو القائل: (خالفوا المشركين..) الحديث.7

وعند الوقوف عند المشعر الحرام في مزدلفة كان من فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك الموقف التكبير والدعاء والتهليل ( أي قول لا إله إلا الله )، وهذا تكرير وترسيخ لشهادة التوحيد الخالدة في كل المشاعر المقدسة.

ومن معالم ترسيخ التوحيد: مخالفة المشركين في الإفاضة من عرفات حيث أفاض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من مزدلفة بعد صلاة الفجر قبل أن تشرق الشمس، وقد كان المشركون لا يفيضون إلا بعد طلوع الشمس، وكان يقول قائلهم: "أشرق ثبير كيما نغير"!، فدفع – صلى الله عليه وسلم – قبل أن تطلع الشمس مخالفة للمشركين، وهذا من مقاصد الشريعة أي مخالفة المشركين في عباداتهم وفي عاداتهم الخاصة.

وقد ابتلي المسلمون اليوم بالتبعية والتقليد والتشبه بالكفار، فمن تحقيق البراءة من الكفار البعد عن التشبه بهم في عباداتهم وعاداتهم التي يختصون بها، وفي شعائرهم وشعاراتهم وأعيادهم.

ورمي الجمار تسليم وانقياد لله – تعالى- في ذلك النسك.

ومن معالم ترسيخ التوحيد: ذبح الهدي لله رب العالمين، والذبح لله من التوحيد، ولغيره من الشرك الأكبر كما قال – تعالى-: (( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ))(2: سورة الكوثر)، وقال – تعالى-: (( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))(162: سورة الأنعام).

وحلق الشعر كذلك من المناسك التي يظهر فيها التسليم لحكم الله وشرعه، وهدي رسوله – صلى الله عليه وسلم -.

ورمي الجمار في منى فيه خضوع لأمر الله، وعبودية وتوحيد بالقول وبالفعل.

عباد الله:

لقد رسخ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – توحيد الله وإفراده بالعبادة في الحج أعظم ترسيخ، ووضح معالم التوحيد في مناسك الحج أكمل توضيح.

ومما ابتلي به بعض المسلمين اليوم عدم فهم تلك الأمور، فقد يؤدون الحج لكن للأسف يرجعون إلى بلدانهم وأوطانهم فترى البعض يذبح لغير الله بعدما ذبح في الحج لله – تعالى-، فيناقض نفسه بنفسه، ويهدم بنيانه الذي بناه، وينقض غزله بعد قوة أنكاثاً، ومنهم من يتبع هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – ويخالف المشركين في الحج؛ لكن ما أن يعود إلى بلده حتى يتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين في زيهم ومظهرهم، وعاداتهم وأعيادهم!

ومنهم من يؤدي فريضة الحج ويرق قلبه فيه، ويجرد العبودية لله، ويخلص الدين له، ثم إذا عاد من الحج ترك الصلاة ومنع الزكاة، وعاد إلى الإثم من جديد!!.

والمسلم الفطن هو من يحافظ على دينه وتوحيده، وعقيدته وأعماله من الإحباط بعد التمام والكمال، ولا يفعل كفعل المرأة التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً! والتي ذكر الله – تعالى- مشكلتها بقوله: (( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ))(92: سورة النحل)، وهذا مثل ضربه الله لمن يعمل عملاً طيباً ثم يهدمه، وفي هذا ذم واضح وتوبيخ ظاهر.

نفعنا الله بأعمالنا، وجعلها خالصة لوجهه الكريم، ونعوذ بالله من أن تحبط أعمالنا من حيث لا نشعر، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.


 


1– رواه مسلم في الصحيح (1243).

2– انظر صحيح مسلم (1184)

3– رواه مسلم في الصحيح (1185).

4– رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة والدارمي والبيهقي، وصحح إسناده الأعظمي في صحيح ابن خزيمة (2882)،  وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (410).

5– رواه مسلم في الصحيح (1218).

6– رواه مالك في الموطأ، وعبد الرزاق الصنعاني والبيهقي،  وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1102).

7– متفق عليه.