خصائص شهر رمضان

خصائص شهر رمضان

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمداً يليق بجلاله وعظمته، وقدرته وعظيم سلطانه، الحمد لله الذي أوجب الصيام في رمضان على عباده، والصلاة والسلام على من سن القيام في رمضان لأصحابه واتباعه، أما بعد:

فإني أحمد الله إليكم أن بلغنا رمضان لهذا العام، ولا يخفى على كل مسلم ما لرمضان من مكانة في القلوب، كيف لا وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهر كله هبات وعطايا، ومنن من الحق – سبحانه وتعالى -، وسنتطرق إلى الخصائص التي اختص بها هذا الشهر عن غيره من الشهور.

خصائص شهر رمضان:

أولاً: أن الله – تبارك وتعالى – أنزل فيه القرآن قال – تعالى-: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}1، وهو دستور هذه الأمة، وهو الكتاب المبين، والصراط المستقيم، فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد، وهو الهدى لمن تمسك به واعتصم، وهو النور المبين، نور لمن عمل به، لمن أحل حلاله، وحرم حرامه، وهو الفاصل بين الحق والباطل، وهو الجد ليس بالهزل، فعلينا جميعاً معشر المسلمين العناية بكتاب الله – تعالى – قراءةً وحفظاً، وتفسيراً وتدبراً، وعملاً وتطبيقاً.

ثانياً: تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد مردة الشياطين وعصاتهم، فلا يصلون ولا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه من قبل قال – صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين)) وفي رواية: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة))2.

ثالثاً: فيه تضاعف فيه الحسنات.

رابعاً: أن من فطر فيه صائماً فله مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً قال – صلى الله عليه وسلم-: ((من فطر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء))3.

خامساً: أن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهي الليلة المباركة التي يكتب الله – تعالى – فيها ما سيكون خلال السنة، فمن حرم أجرها فقد حرم خيراً كثيراً قال – صلى الله عليه وسلم -: ((فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم))4، ومن قامها إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه قال – صلى الله عليه وسلم-: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))5، وقال – صلى الله عليه وسلم-: ((من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر))6، فيا له من عمل قليل، وأجر كثير وعظيم عند من بيده خزائن السموات والأرض، فلله الحمد والمنة، كما أن هذه الليلة يكثر فيها  نزول الملائكة قال – تعالى -:  {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}7.

سابعاً: فيه أكلة السحور التي هي ميزة صيامنا عن صيام الأمم السابقة، وفيها خير عظيم كما أخبر بذلك المصطفى  حيث قال: ((فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر))8، وقال – عليه الصلاة والسلام -: ((تسحروا فإن في السحور بركة))9.

ثامناً: وقعت فيه غزوة بدر الكبرى، وهي الغزوة التي تنزلت فيها الملائكة للقتال مع المؤمنين، فكان النصر المبين حليف المؤمنين، واندحر بذلك المشركين، فلا إله إلا الله ذو القوة المتين.

تاسعاً: كان فيه فتح مكة شرفها الله – تعالى -، وهو الفتح الذي منه انبثق نور الإسلام شرقاً وغرباً، ونصر الله رسوله حيث دخل الناس في دين الله أفواجاً، وقضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على الوثنية والشرك الكائن في مكة المكرمة فأصبحت دار إسلام، وتمت بعده الفتوحات الإسلامية في كل مكان.

عاشراً: أن العمرة فيه تعدل حجة مع النبي – صلى الله عليه وسلم – ففي الصحيحين قال – عليه الصلاة والسلام -: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) أو قال ((حجة معي))10.

الحادي عشر: أنه سبب من أسباب تكفير الذنوب والخطايا قال – صلى الله عليه وسلم -: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان؛ مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر))11.

الثاني عشر: أن فيه صلاة التراويح حيث يجتمع لها المسلمون رجالاً ونساءً في بيوت الله – تعالى – لأداء هذه الصلاة، ولا يجتمعون في غير شهر رمضان لأدائها.

الثالث عشر: أن الأعمال فيه تضاعف عن غيره، فلما سئل النبي – صلى الله عليه وسلم – أي الصدقة أفضل قال: ((صدقة في رمضان))12.

الرابع عشر: أن الناس أجود ما يكونون في رمضان، وهذا واقع ملموس ومشاهد ففي الصحيحين عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: “كان النبي  أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان..”.

الخامس عشر: أنه ركن من أركان الإسلام، ولا يتم إسلام المرء إلا به، فمن جحد وجوبه فهو كافر قال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}13، وقال – صلى الله عليه وسلم-: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام))14.

السادس عشر: كثرة الخير وأهل الخير، وإقبال الناس على المساجد جماعات وفرادى، مما لا نجده في غير هذا الشهر العظيم المبارك، وياله من أسف وحسرة وندامة أن نجد الإقبال الشديد على بيوت الله – تعالى – في رمضان أما في غير رمضان فإلى الله المشتكى، فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان.

وشهر هذه خصائصه، وهذه هباته وعطاياه؛ ينبغي علينا معاشر المسلمين استغلال فرصه، واستثمار أوقاته فيما يعود علينا بالنفع العميم من الرب العليم الحليم.

اسأل المولى – جل وعلا – أن يجعل هذه الكلمات خالصةً لوجهه سبحانه، وأن ينفعنا بها يوم العرض عليه، وأن يجعلها في موازين حسنات الجميع، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


1 – البقرة:185.

2 – رواه  البخاري برقم (3103) ومسلم برقم (1079).

3 – رواه الترمذي بر قم (807) وحسنه الألباني.

4 – رواه النسائي برقم (2106) وصححه الألباني.

5 – رواه البخاري برقم (1910).

6 – رواه أحمد برقم (22765) وقال الارناؤوط: حسن.

7 – القدر:4.

8 – رواه مسلم برقم (1096).

9 – رواه البخاري برقم (1823) ومسلم برقم (1095).

10 – رواه البخاري برقم (1764).

11 – رواه مسلم برقم (233).

12 – رواه الترمذي برقم (663) وضعفه الألباني.

13 – البقرة:183.

14 – رواه مسلم برقم (16).