واجبات إمام المسجد ومسؤولياته
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أزكى صلاة وأتم تسليم، أما بعد:
فلا شك أن مسؤولية كبيرة يجب القيام بها تقع على عاتق أئمة المساجد؛ فإن الإمام مؤتمن، والمسجد أمانة في عنقه قد استُرعي في القيام عليه؛ وحينذاك ينبغي أن يراعي الأئمة لوازم عملهم وإقامتهم لبيوت الله من واجبات ومسؤوليات، وثمَّة أمور ينبغي على الإمام فعلها ومراعاتها وصولاً إلى تحقيق رضا الله سبحانه وتعالى منها:
– المحافظة على الصلوات الخمس في الجماعة، وعدم التخلف أو التأخر عنها؛ حتى لا تقع بذلك مشقة على الناس، وفي حالة الغياب لأمر ما؛ فيُخبِرُ المؤذنَ مسبقاً، أو ينسقُ مع من ينوبه على وجه الخصوص في خطبة الجمعة؛ فإنه قد يجد من ينوبه في سائر الصلوات؛ أما الجمعة فقلَّ أن يوجد.
– متابعة شؤون المسجد ومرفقاته، والنظر الدائم فيها، وفي القائمين عليها كالمؤذن والمنظف وما إلى ذلك، مع الإشراف عليهم.
– متابعة مصالح المسجد وحاجياته لدى الجهات المسؤولة سواء أكانت وزارة أم مؤسسة أم متبرعين.
– متابعة أوقاف المسجد وملحقاته الاستثمارية إن وجدت، أو أوكلت إليه.
– الاحتساب في القيام بهذا العمل العظيم الجليل (أي إمامة الناس في الصلاة) فهو من أهم أعمال المسلمين، وليس الإمام موظفاً في دائرة حكومية، أو شركة تجارية؛ بل هو مسؤول كبير في بيت الله، يدعو ويستقبل الوفود القادمة إلى بيوت الله تعالى، ويكرمهم بما أكرمه الله.
– الجلوس مع الناس، وبذل بعض الوقت لهم فلا يقتصر على الصلوات الخمس فقط فيشعروا بالفجوة بينهم وبينه، إذ لا أحد يستفتيه ولا يستشيره ولا يرغب فيه؛ وربما زهد الناس في دروسه وخطبه ومواعظه.
– أن يتخول الناس بالموعظة فهذا هو الهدي النبوي الشريف، مع الانتباه لواقع الناس وأخطائهم، وطرح ما يناسب في الوقت المناسب على الوجه المناسب؛ وهذه هي الحكمة.
– تفقد المتخلفين عن الصلاة، ووعظهم وتذكيرهم، والقيام بواجب النصيحة؛ فإن تركه لذلك يعدُّ نقصاً في المسئولية.
– العمل بالسنة في مراعاة الناس في الصلوات بتخفيفها، والترغيب فيها؛ حتى لا يكون سبباً في انصرافهم عن الصلاة، وبخاصة مساجد الأسواق لما فيها من الازدحام والاستعجال مما يستدعي التخفيف والإسراع في الصلاة؛ إذ كثير من المصلين هم من ذوي الحاجة، وربما صلى بعضهم تحت هجير الشمس، وكذلك تخفيف الخطبة، واختيار المناسب من المواضيع.
– تطبيق السنن في الصلوات مع مراعاة الاختلافات الفقهية الموجودة فيما لو كان الناس يدركونها وهم على خلافه، واستعمال الحكمة في ذلك.
– الاهتمام بأداء الصلاة على وجهها؛ فالإمام هو القدوة الحسنة، ولا ينبغي عليه أن يعبث فيها، أو أن ينقرها نقر الغراب فيفارق الخشوع.
– الاهتمام الكبير والعناية بحفظة كتاب الله، وتزويدهم بالعلم الشرعي.
– تفعيل دور المسجد اجتماعياً ودعوياً وعلمياً … إلخ، والرقي بالناس في الحي، وتصحيح المفاهيم لديهم، وصدِّ الشبهات القادمة إليهم عبر الإعلام والشارع، وسدِّ منافذها عنهم، وتحصينهم منها، وتوضيح أحكام الشريعة، وتقريب الفهم لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم إليهم، و احترام عقولهم بالاهتمام بالتحضير الجيد لما سيلقيه عليهم .
– تحبيب العلماء إليهم، وتعريفهم بهم، واستضافة المشايخ والدعاة والعلماء .
– السعي في مساعدة الناس في أمور دينهم خاصة بالفتوى إن كان أهلاً لها، أو التواصل مع أهل العلم المعتبرين، وإيصال أسئلة الناس إليه بوضع صندوق في المسجد خاص بالفتاوى، ويضع الناس أسئلتهم ثم يعيدها إليهم بعد إجابتها.
– نشر فتاوى العلماء بعرضها للناس عبر الدروس، أو تعليقها في لوحة المسجد، كل أسبوع مسألة أو اثنتان بحسب ما يراه الإمام، مع توفير مكتبة في المسجد تكون عوناً للناس في الحصول على حاجتهم من العلم.
– التنبيه وتذكير الناس بالأمور الشرعية التي يغفلون عنها مثل: زكاة الفطرة، والاستعداد للحج والعمرة، والاستعداد التام للمواقف والأحداث كالكسوف والعيد، والفتن الظاهرة بما يناسب.
– إتاحة المجال بل والاهتمام بالتحفيظ، وتعليم القرآن الكريم، والاهتمام بكبار السن وتعليمهم كتاب الله، والسعي في إخراج حفظة لكتاب الله.
والمؤمل أن يكون في إمام المسجد من الفطنة والنباهة إلى جانب الورع والتقوى ما يزيده حرصاً على أداء مسؤوليته في أتم وجه وأكمل حال، فـ((الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين))1.
والله تعالى أعلم.
1 رواه الترمذي (207) وصححه الألباني.