زيارات بين الأسر الموجودة في الحي

زيارات بين الأسر الموجودة في الح

زيارات بين الأسر الموجودة في الحي

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

خلق الله – عز وجل – الناس ذكوراً وإناثاً، وجعلهم في بلدان متنوعة، ومن أقطار مختلفة؛ ليحصل التعارف والتداخل فيما بينهم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}1، قال الإمام السعدي – رحمه الله تعالى -: "يخبر تعالى أنه خلق بني آدم من أصل واحد، وجنس واحد، وكلهم من ذكر وأنثى، ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء؛ ولكن الله – تعالى – بث منهما رجالاً كثيراً ونساءً، وفرقهم وجعلهم شعوباً وقبائل، أي: قبائل صغاراً وكباراً، وذلك لأجل أن يتعارفوا، فإنه لو استقل كل واحدٍ منهم بنفسه لم يحصل بذلك التعارف الذي يترتب عليه التناصر، والتعاون والتوارث، والقيام بحقوق الأقارب؛ ولكن الله جعلهم شعوباً وقبائل؛ لأجل أن تحصل هذه الأمور، وغيرها مما يتوقف على التعارف ولحوق الأنساب.."2.

فبالتعارف تحصل المودة، وبالتصافح تتساقط الذنوب قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف))3، والناس بتعارفهم على بعضهم يحصل لهم خيرٌ كثير، فينتفع بعضهم من بعض، ويستفيد بعضهم من بعض.

الناس للناس من بدو وحاضرة     بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم

فهذا يأمر بمعروف، وهذا ينهى عن منكر، وذلك يتصدق على فقير، وآخر يعين محتاجاً، وغيره يزور مريض، وهكذا يحصل التكافل الاجتماعي، والتعاون الخيري، والتواد الأخوي، فيكون مجتمعاً ناجحاً، وكل ذلك لأنه عمل بمراد الله – عز وجل -، فيحصل التعارف، وإفشاء السلام الذي هو سبب من أسباب دخول الجنة فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم))4، وما أجمل أن يكون هذا التعارف منطلقاً من بيت الله – عز وجل – حتى يكون الارتباط دائماً على ما يريد الله، وما يحب الله، وبما يرضي الله.

وإن مما لا بد منه أن يكون في المسجد مما هو نافع لأهل الحي أن يكون هناك برنامج أو نشاط يهدف إلى ربط أسر الحي بعضها ببعض؛ بحسب خطة مرتبة هدفها إنماء روح المحبة والمودة بين الناس، وتسهيل التداخل فيما بينهم، وترشيد هذه العلاقة بالآداب الإسلامية؛ بوسائل الدعوة المختلفة كالشريط والمطوية والمحاضرة وغير ذلك، فيكون في المسجد من يسعى لربط الأسرة الموجودة في الحي، ويكون هناك برنامج يفعّل هذه اللقاءات، وحتى يكون الأمر أشد وضوحاً؛ نلخص هذا المشروع في نقاط؛ علَّ الفكرة أن تتضح، ويسهل تطبيقها، وهي فكرة ربما يكون فيها شيء من السلبيات؛ كأن يجتمع البعض على منكر أو شر، لكننا ننظر إلى جانبها المشرق، ونحذر من جانبها المظلم، وفي النقاط التالية سنذكر ما سنفعله مع تفادي ما قد يحصل من سلبيات، وإليك النقاط التالية:

1- تكوين لجنة من الآباء والأمهات خاصة بمتابعة هذا المشروع، يكون شغلها هو تنفيذ هذا البرنامج، والسعي لإنجاحه؛ من خلال الاجتماعات، وطرح الآراء المناسبة.

2-  ترصد كل الأسر الموجودة في الحي، ويركز على الأسر الغير ملتزمة؛ فهي هدف مهم في هذا المشروع.

3- تقوم اللجنة بالاجتماع بأولياء الأمور من الآباء مع الرجال في اللجنة، وتجتمع النساء في اللجنة مع الأمهات، وربات البيوت، ويخبرون بالمشروع، وتذكر أهدافه، ويؤكد على ثماره ونتائجه.

4- تجهز هدية دعوية من قبل المسجد، وتعطى للأسرة الزائرة إضافة لما معها من هدايا للأسرة المستضيفة، ويوضع في الهدية الدعوية منشور خاص بالمسجد؛ باسم هذا المشروع، تذكر فيه أهداف المشروع، وآداب الزيارة، وآداب المجالس، وأهمية التعارف والمودة بين أهل الإيمان.

5-  الأسرة ذات الطاقات الدعوية يكون ترتيبها عند الأسر الغير ملتزمة؛ حتى يحصل الخير والنفع.

6-  توضع مسابقة خاصة بالأسر المشتركة في هذا المشروع، ويكون في المسابقة أسئلة تتعلق بالمشروع وأهدافه.

ونسأل الله – عز وجل – أن يؤلف على الحق قلوبنا، وأن يصلح ذات بيننا، أن يسدد على الخير خطانا، والحمد لله رب العالمين، وصلي اللهم على محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.


 


1 سورة الحجرات (13).

2 تفسير السعدي (1/802).

3 مسلم (4773).

4 مسلم (81).