معركة طالوت ومعركة غزة

معركة طالوت ومعركة غزة

معركة طالوت ومعركة غزة

الشيخ محمد صالح المنجد

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد ..

 فإن الله سبحانه، وتعالى يعز من يشاء، ويذل من يشاء، وينصر من يشاء، ويخذل من يشاء بيده الأمر، يقلب الليل والنهار، ويداول الأيام بين الناس، فَغلَبةٌ هنا، وضعفٌ هناك،{وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } (120) سورة هود، وقد خاض الأنبياء مع أممهم أياماً من أيام الله، كان فيها من المواعظ والدروس والعبر الشيء العظيم، وقد قص الله سبحانه وتعالى على نبينا صلى الله عليه وسلم من هذه القصص ما فيه تربية للأمة وتوثيق للإيمان في النفوس، أخبرنا ربُنا عز وجل من قصص بني إسرائيل أنهم لما كانوا متمسكين بشرع الله تعالى كانوا فاتحين منصورين، فلما ابتعدوا عن شرعه وعصوا أنبياءه وتركوا الجهاد في سبيل الله سلّط الله عليهم أعداءهم، فاحتلوا بلادهم، وأخرجوهم منها، وسلبوهم التابوت المقدس الذي كان معهم، فشعر بنو إسرائيل بالذل والهوان، ونظروا في أحوالهم وأرادوا تغييرها، واتفق أفرادُهم مع قادتهم على الخروج من هذا الواقع السيء واسترداد الديار والتابوت المقدس، فطلبوا من نبيّ لهم بعد وفاة موسى عليه السلام أن يُعَين لهم ملكاً يقاتلون معه أعداءهم، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ} (246) سورة البقرة. وهؤلاء القوم لا يزال فيهم من حب الدنيا ما فيهم، ولذلك طلبوا ملكاً، ولذلك لم يطلبوا قائداً أو عالماً أو نبياً،{ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا} (246) سورة البقرة. فقال لهم نبيهم :{هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ} (246) سورة البقرة، هل ستقاتلون حقيقة عندما يُفرض عليكم القتال؛ لأن أنبياء بني إسرائيل أخبر الناس بما عند بني إسرائيل من نكث العهود، ونقض المواثيق، فكان جوابهم أن قالوا : { قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} (246) سورة البقرة، وكانوا قد طردوا منها، فيريدون استرداد الحق المغصوب ورفع الظلم عن أنفسهم، واليوم يريد اليهود إخراج الناس من ديارهم وتدمير بيوتهم على رؤوسهم، وأن يسوموهم سوء العذاب.

قضية الإخراج من الديار هذا موروث يهودي متأصل فيهم عبر الأديان، لدرجة أنهم إذا لم يجدوا من يغدرون به، ويخرجونه من دياره، فإنهم يقتلون أنفسهم ويخرجون فريقاً منهم من ديارهم كما ذكر ذلك ربنا عز وجل، يظلمون أنفسهم ويخرجون فريقاً منهم من ديارهم، يتظاهرون عليهم بالإثم والعدوان، أما إخراج الآخرين من الديار وظلمهم فهذا واضح جداًَ.

فهاهم يقصفون الديار اليوم ليرعبوا أهلها، ويخرجوا منها وكذلك من حولها، ويلقون بالمناشير من الطائرات تهديداً لسكان البيوت لأجل إخلائها، ويعملون ذلك على مستوى المدن، والأحياء والبيت الواحد، ومكالمة : أن البيت سيقصف بعد ربع ساعة.

قضية إجرام اليهود في إخراج الناس من ديارهم وتشريدهم يشهد عليها تشريد الملايين من مسلمي فلسطين وما حصل من النكبات في السنوات الماضية، إن هؤلاء القوم الذين ذاقوا طعم الخروج من الديار، { قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا * فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا } أي أعرضوا عن الجهاد في سبيل الله، لم يفوا بما وعدوا، نكل أكثرهم وكان ما توقعه نبيهم صحيحاً، جبنوا عن المصادمة، والتضحية والجرأة، وما يتطلبه القتال من الثبات وإكمال الطريق ودَبَّ فيهم الخَورُ والجبنُ، وهكذا عصوا لمّا فرض عليهم.

إن نقض العهد والنكس بالوعد والتفلت من الطاعة والنكوس عن التكليف وتفريق الكلمة والتولي عن الحق المبين أمر معلوم واضح في طبيعة هؤلاء القوم، وهكذا شأن الأمم المتنعمة المائلة إلى الدعة، أوقات الأنفة يقولون : نريد قتالاً، فإذا حضرت الحرب كعّت نفوسهم وجبنت وتراجعت وانقادت لطبعها، ولم تنقد للحق. تولوا إلا قليلا منهم، أقل من الثلث بالتأكيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الثلث والثلث كثير)، ولذلك لما قال الله في كتابه: { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ } معنى ذلك أن الذين ثبت منهم أقل من الثلث { وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } الذين ينكلون عن الجهاد في سبيله وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق ) [رواه مسلم]، وهؤلاء القوم الذين فيهم نكس الوعد، والذين فيهم طبيعة العدوان، هؤلاء حاخاماتهم يستدلون على مجازر غزة وجوازها لديهم بنصوص توراتية يلقونها على الجنود، وحاخاماتهم يسوغون لهم اليوم أفعالهم الشنيعة التي يقومون بها، ومما يوردونه من كتابهم المحرف، قصة دينية من الإصحاح، إصحاح سفر الخروج من توراتهم المزعومة، وملخصها : أن رجلاً تقدم لخطبة امرأة، فقال قومُ المرأة لقومِ الرجل لا يجوز لنا أن نزوجك ابنتنا إلا إذا اختتن هذا الرجل واختتنتم أنتم أيضاً، وفي النهاية بعد الاشتراط والتشديد، وافق قومُ الرجل على الاختتان، فلما اختتنوا قام قوم المرأة في ذلك اليوم يوم الاختتان، بالإغارة على قوم الرجل، وهم ضعفاء من بعد الختان، فقتلوهم وسلبوا أموالهم، وأخذوا ديارهم، فيستدل الآن في معركة غزة هؤلاء الحاخامات اليهود على جواز مجازر غزة وسفك الدماء بقصة دينيةٍ مزعومة، والتي تجيز لهم المكر وعدم الوفاء بالعهود التي يقطعونها، ويلجئون عدوهم إلى شروط وشروط، وفي النهاية يقتلون ضحيتهم بعد تعجيزها، هذا شيء من الطبيعة اليهودية، وهؤلاء القوم من بني آدم عجب العجاب والله، ومن تأمل تاريخهم والفظائع التي عملوها بغيرهم وبأنفسهم عرف أن هؤلاء البشر لا ينفع لهم ومعهم إلا ما فعله محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتعلم بأن خيانة بني قريظة التي ترتب عليها الكشف عما يشك فيه من بلوغِ فتيانهم وغلمانهم، فإذا وجد أنه أنبت قُتل مع رجالهم، وإذا وجد أنه لم ينبت أُخذ في السبي، وقضية الحصار التي حاصر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير، وكذلك جهاده لبني قينقاع وبني قريظة وأهل خيبر، هو الحل الوحيد مع هؤلاء القوم، ولقد حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وأخرجهم من صياصهم وحصونهم وقلاعهم، فمنهم من قُتل ومنهم من هجّر وأُجلي وأُخرج، وأورث الله الصحابة أرضهم وديارهم وأموالهم، وجاهد النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر وغزاهم، وقال: ( الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين )، وتم الاستيلاء عليها، ثم أجلاهم عمر رضي الله عنه منها، وهكذا ينبغي أن يكون التعامل مع هذه الأمة الظالمة، الغضبية الملعونة الممسوخ من أفرادها إلى قردة وخنازير، هؤلاء الذين كانوا حتى في أفضل أحوالهم يتولون عن الجهاد مع طلبهم له، والله عليم بالظالمين، الذين يظلمون أنفسهم ويظلمون غيرهم ويظلمون الضعفاء الذين استنصروهم، وقال لهم نبيهم : { إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا}، وكان رجلاً من الجنود، لم يكن من بيت الملك والغنى فيهم، ولما كان حب الدنيا معشعشاً في تلك الأفئدة قالوا :{ قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا } (247) سورة البقرة )، اعتراض على الأنبياء، اعتراض على اختيار الله تعالى، اعتراض على اصطفاء ربنا عز وجل، كما اعترضوا وخالفوا اصطفاء الله محمداً عليه الصلاة والسلام ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، فلذلك قالوا : ( عداوته والله ما بقينا )، { قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ} (247) سورة البقرة، وعندنا سبب الخلافة والملك، {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ}، سبحان الله أهذا هو إذاًَ مؤهل القيادة لديهم، المال!! {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ}، وحبهم للذهب وتقديمهم له على الولد، وبعض يهود أوروبا استنكروا حرب غزة لتأثر تجارتهم لما قاطعهم بعض الناس، وأرادوا أن يخففوا عن أنفسهم من هذه الانتقادات الصارخة التي ووجهوا بها في خارج  دولتهم، والله عز وجل يصطفى من خلقه ما يشاء، فقال لهم نبيهم : {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ}  واختاره من بينكم، والله أعلم بمن يختار عز وجل، وقد أعطاه من مؤهلات القيادة زيادة في العلم والجسم عنكم، وقال : { وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ }، وهذا ما هو مهم في القيادة، علم بالشريعة، وفقه القائد مع العلم بسياسة الأمور، وكيفية قيادة المعارك وتسيير الجيوش، وإدارة دفة المعركة، هذه الخبرة القتالية المطلوبة في القائد. وزاده بسطة في العلم والجسم، فإن بسطة الجسم ضرورية لقيادة الجيوش في ذلك الوقت، وفي كثير من الأوقات، {وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء}، فلا تعترضوا، { وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } ذو سعة في علمه، وفضله، وكرمه وعطائه واصطفائه، وكذلك هو عليم بمن يصلح للقيادة، والنبوة والرئاسة، وهو سبحانه وتعالى يعلم المصالح، وعندما تضيع هذه القضية يمكن أن يصطفى بعض الناس ويختار من ليس بأهل أن يقود أصلاً، ولا أن يتكلم بأمر عام، قال عليه الصلاة والسلام : ( سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدّق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه الذي يتكلم بأمر العامة) [رواه ابن ماجه وهو حديث صحيح ]. وأراد نبيهم أن يزيل ما في نفوسهم من الاعتراض بآيات بينّات ستؤكد أن هذا الشخص هو الخليق بالإمرة، وهو المصطفى من الله،{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (248) سورة البقرة. هذا الصندوق الخشبي الذي كانوا يحتفظون به على ما قيل بشيء من بقية أنبيائهم مع توراتهم، فيه سكينة من ربكم ورحمة، ووقار وطمأنينة لنفوسكم، وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون، من العصي وبعض ألواح التوراة، تحمله الملائكة، تأتي به من السماء فتضعه بين أيديهم، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وقد رأى اليهود المعاصرون، والأجيال التي قبلهم من الآيات البيّنات على صحة دين الإسلام، وعلى إثبات نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، آيات وأدلة وبراهين قطعية، ومع ذلك لم يؤمنوا . هذه طبيعتهم لا يؤمنون، وهم يعلمون أنهم أهل غدرٍ وخيانة وديانة محرفة، وأن الإسلام هو الحق، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صادق، وقد أخبرنا ربنا عن ذلك، وأنهم جحدوا بهذا، وقد استيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً، أخبرنا ربنا أنهم علموا حقيقة أن محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاتم النبيين، والقصص التي جاءت عنهم تشير بذلك. " أهو هو؟ قال : نعم".

عرفوه بالآيات، عرفوه بالبينات، عرفوه بالعلامات، عرفوه بما هو مذكور عنه في كتبهم، { وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } (101) سورة البقرة. ولكن استمروا على الكفر به ويستمرون، وهم يحسدون المسلمين على ما آتاهم الله من فضله، حتى على يوم الجمعة، وحتى على التأمين في الصلاة، أي شيء يجتمع عليه المسلمون من أمر دينهم يحسدهم اليهود عليه. ويودون لو ردونا من بعد ديننا كفاراً حسداً من عند أنفسهم . وهكذا هذه الأمة المغضوب عليها، لا شك أنهم إذا سمعوا آمين في صلاتنا تقض مضاجعهم؛ لأننا عندما نقول آمين في الصلاة نؤمن على أي شيء؟  { اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } (6) سورة الفاتحة،{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ } (7) سورة الفاتحة ) من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين { غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ } اليهود { وَلاَ الضَّالِّينَ} النصارى، ( آمين ) اللهم استجب.

هكذا هم يغضبون أشد الغضب من التأمين في الصلاة؛ لأننا نُؤمن على ماذا؟ هم يعلمون ذلك جيداً، وعندما نتأمل اليوم في مسألة النصر والهزيمة، والقواعد الإلهية، والسنن الربانية في ذلك، سنجد من خلال قصة طالوت ومن معه قواعد عجيبة، في مسألة الاستجابة لأمر الله إذا جاء، وأن الإنسان إذا تحمس لشيء من أمر الله وشرعه فلا بد أن يثبت، ويفي بالعهد الذي قطعه مع ربه، ويستجيب لأمر الله إذا جاء، لا بد من الإجابة ، وأن  الدنيا ليست معياراً عند الله في التقديم، بل أمور الآخرة من العلم والدين، وما يلزم لقيادة الدنيا، وأن الله عز وجل يربي عباده بأنواع من الامتحانات والابتلاءات، وهؤلاء القوم ابتلوا بالأمر الشرعي الذي أمرهم الله به، كتب عليهم القتال، فابتلوا ولم يثبتوا، ثم ابتلوا بقضية من هو القائد، وكانوا يريدونه على هوىً معين، فاعترضوا، ولم يثبتوا، ولم يسلموا، ومع مجيء التابوت الذي فيه هذه الآيات البينات تحمله الملائكة، كان لا بد لهم من الرضوخ الظاهر لهذا القائد الذي اصطفاه الله عز وجل، فعبئ القوم، وصار هذا الرجل الصالح متعاملاً مع هؤلاء الجنود، { فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ }، هل انتهت الابتلاءات والاختبارات؟ كلا، { قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ، فَمَن شَرِبَ مِنْهُ، فَلَيْسَ مِنِّي، وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ، فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ } (249) سورة البقرة. مراعاة للطبيعة البشرية، والعطش، فشربوا منه عدواناً، وظلماً، وزيادة عن الغرفة، إلا قليلاً منهم، ولا شك أنهم أقل من الثلث الباقي، { فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ}، عملية النخل، والتصفية لجيل النفخ، فهذه الكثرة الكاثرة، وهذه الجموع المندفعة، وهذه العواطف الجياشة، وهذا الحماس المتقد لا بد أن يمرر على مصافي تصفي وتنقي من هو الذي يصدق، من هو صاحب المعدن الأصيل، من هو صاحب النفس الزكية، فصار بهذا القليل الذين أطاعوه، فبنو إسرائيل ما صبروا على هذا الماء، وهم يريدون من إخواننا في غزة اليوم أن يحيوا بلا ماء ولا غذاء ولا كساء، ولا دواءٍ ولا كهرباء طيلة هذه الأيام وما قبلها، ثم يقصفون ما تبقى من مخازن الغذاء، ثم لا يرضيهم أن يُنقل الجرحى إلى المستشفيات، فلا بد من قتلهم داخل المستشفيات، فقصفوا المستشفيات، هذا يبيّن طبيعة النفس اليهودية، فهل يمكن بعد ذلك لمسلم أن يثق بهم، أو يوقع معهم عهداً أو اتفاقاً ؟  لا يمكن لهذه الطبيعة؛ لا يمكن معها إلا شيء واحد، إعداد السيف فقط. { فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} هذه إذاً كانت المرحلة قبل الأخيرة من الاختبارات، لتأتي المرحلة الأخيرة، وهي ماذا سيكون الموقف إذا لقوا القوم واصطفوا أمام العدو، {فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ، قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ}. { لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ } : تخذيل وإسقاط للمعنويات، هذه انهزامية، لكن أقل القليل ونهاية المصفاة، وما تبقى من المتبقين بعد انسحاب من انسحب: { قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا اللَّهِ} ، يستيقنون . { كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }.

اللهم إنا نسألك أن تنصر إخواننا في غزة يا رب العالمين، اللهم أفرغ عليهم صبراً، وثبت أقدامهم، وانصرهم على اليهود المجرمين، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، وعراة فاكسهم، وجياع فأطعمهم، ومظلومون فانصرهم، وخائفون فأمنهم، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.

 أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله نعم المولى ونعم المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وهو على كل شيء قدير، سبحانه وتعالى هو القوي المتين، وهو العزيز الجبار المتكبر، وهو العزيز الذي لا يُغلب ولا يُمانع، من أعزّه لا يرام ولا يضام سبحانه وتعالى، مالك الملك يؤتي الملك من يشاء، ويَنزع الملك ممن يشاء، يفعل ما يشاء، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه وأمينه على وحيه، خاتم النبيين والمرسلين، وإمام الناس يوم الدين، والشافع المشفع، وحامل لواء الحمد، والمبعوث رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى ذريته الطيبين وخلفائه وزوجاته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

عباد الله .. الأمة حتى تصبح على مستوى النصر تحتاج إلى ابتلاءات. الأمة حتى تصبح على مستوى التمكين والتفوق على الأعداء تحتاج إلى اختبارات. الأمة حتى تصبح مؤهله لقيادة العالم والانتصار في الأرض لا بد لها من تمحيص وتنقية. { مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ } (179) سورة آل عمران. ونحن نعلم .. أن هؤلاء اليهود الأنجاس الأرجاس لا يُعجزون الله، ولو يشاء الله لانتصر منهم، ولقضى عليهم بلحظة، وعنده جنود السماوات والأرض، عنده ملائكته وريحه وصيحته وطوفانه، عنده زلزلته وكلمته ، بـِ " كن  " تقضي عليهم جميعاً، { أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} (246) البقرة، هؤلاء قوم،{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا} (243) البقرة، كلمة واحدة ( موتوا ) ماتوا كلهم ..، بنو إسرائيل لمّا سألوا موسى سؤالاً لا يجوز لهم أن يسألوه: { أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً } (153) سورة النساء. أخذتهم الصيحة وماتوا.

الله عز وجل قادر على الانتقام من اليهود بكلمة .. " موتوا " فيموتون في أرضهم وسمائهم وبحرهم وأسلحتهم ومراكبهم، ودباباتهم وطياراتهم، لا تغني عنهم طائراتهم من الله شيئاً ولا صواريخهم، هذه عند الله ليست بشيء، وكثير من الناس إذا رأى صور الدمار والقصف تعاظم في نفسه السلاح اليهودي، ورأى أن هذا الجبروت والطغيان الصهيوني أنه شيء معجز، وليس الأمر كذلك، فالله عز وجل على أخذهم إذا يشاء قدير، وعلى تعطيل سلاحهم وتسجيره فيهم، هو سبحانه لو أراد لفعل، { وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} (4) سورة محمد، ولماذا يتأخر النصر؟ لماذا لا يؤخذ اليهود بكلمة ؟ لماذا لا نرى فرجاً عاجلاً ؟ لماذا تستمر المذابح ؟ لماذا يستمر القصف والآم وقتل الأطفال وتهجير الناس من البيوت،{ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}.. أربع عشرة رصاصة في بنت عمرها سبع سنين، الجروح خمسة عشر سنتيميتر، قنابل حارقة فسفورية وغيرها، لماذا يبقى هذا يحدث؟ {لِيَبْلُواَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}، ليظهر أهل الخيانة وأهل الغدر وأهل النفاق وأهل الخذلان وأهل الدنيا والضعف، والله إننا لنرثي لحال هؤلاء الشباب الذين يطوفون في الشوارع في لهوهم ولعبهم وأهل غزة يُقتَلون، يحاصرون ويُدمرون، ما معنى هذا؟ هل الأمة بهذه الحال على مستوى النصر ؟ { لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} لتظهر الحقائق، وليظهر أيضاً الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وليظهر أهل الصدق وأهل الإعانة والإغاثة والمساعدة ومد يد العون، ليظهر الذين ينصرون إخوانهم في الدين، فيكون لهم من أنواع البلاء الحسن، يبلون بلاءً حسناً، في هذه الميادين يأجر الله عز وجل أقواماً ويُركس في الإثم آخرين، وهكذا {لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} هذا هو السر إذاً في تأخر النصر، وتأخر الفرج { كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }؛ ليظهر ما عند الناس من  المعايير، هل هم ينظرون بنظرة الدنيا ( الكثرة تغلب ) ؟ أم بمنظار الشريعة (القلة الثابتة على الحق هي التي تغلب)؟ { كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (249) البقرة، ولذلك عبارات الذين يثقون بالله لا تقيم وزناً لرابع أكبر جيش في العالم، ولا تقيم وزناً لدويِّ الطائرات، وهدير المدفعية والدبابات، بل لا يرونها شيئاً، لأنهم يستمدون النصر من الله العزيز القوي الذي يغلب كل هؤلاء، ولا شك أنه قد صار من نتيجة الابتلاء بطولات، وثبات وصمود، وإن دخول القضية في اليوم العشرين، واستمرار المسألة لما بعدها؛ وحده دليل كاف على أن صمود القوم في غزة من إخواننا أمام هذا الجحفل والجيش العرمرم، قصفا ًمن فوقهم، وتفجيراً من أسفل منهم ، ورمياً من أمامهم، وعن يمينهم وشمالهم ومن خلفهم، ورغم ذلك لم يستسلموا، هو بحد ذاته عند أهل الدنيا يعتبر انتصارا، وكل المؤشرات تقول : أنه لا يمكن لليهود أن يحتلوا غزة ويبقوا فيها، ولو أنهم دخلوا شوارعها إلى عمقها فإنه لا يمكن لهم البقاء في هذه الأماكن، ولا بد أن ينسحبوا . إذاً هؤلاء الذين يريدون الحياة الدنيا {أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}(96) سورة البقرة. لا يمكن أن يبقوا تحت طائلة الانتقام والمقاومة لهم، وشن الغارات عليهم، وحرب العصابات ضدهم، لا يمكن أن يستمروا في خوض معارك الأزقة والشوارع . وقد نقلت الكاميرات والصور، أحداثاً حدثت في هذه الأيام من فرار جنودهم، وأن الجندي يسقط والثاني لا يسأل عنه ولا يلوي لا يلتفت بعنقه إلى الخلف، هذه القضية نقلتها كاميرات عالمية، مشاهد تعرض على العالم، ومنهم من دُخل عليه فصار كالجماد حتى قتلوا أجمعين،  إذاً هذه المسألة، مسألة الثبات وقضية القتال بالأعمال، { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ } (146) سورة آل عمران. إذاً هم أصابهم قتل وجراح وهدم وجوع وتعب ونصب، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله { وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}، قضية المواصلة مهمة، {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ، وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ } (172) سورة آل عمران. بعد الجراح وقتل سبعين في أحد، واصلوا إلى حمراء الأسد. هذا الفرق بين أهل الإيمان من هذه الأمة وبين غيرها من أهل الخذلان، وقد قال ابو الدرداء رضي الله عنه: " إنما تقاتلون بأعمالكم ". وهنالك قوىً غير منظورة، ولا يعمل لها أهل القتال حسابهم، لا يعمل لها الأعداء الحساب، قال عليه الصلاة والسلام: (( هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم ))، فالضعفاء من الشيوخ والعجزة، والنساء، والصغار، والمرضى، يقول عليه الصلاة والسلام : (  أبغوني الضعفاء ) .

تأثير دعائهم في المعمعة والمعركة عظيم، خذ يا عبد الله أشهر معارك أهل الإسلام في التاريخ، غزوة بدر هل كان المسلمون أكثر؟  لا. القادسية كان المسلمون سبعةَ آلاف، والفرس ستين ألفاً، وانتصر المسلمون، اليرموك كان المسلمون ستةَ وثلاثين ألفاً، والروم مائتين وخمسين ألفاً، وانتصر المسلمون .

نهاوند الفرسُ أكثر من مائة ألفٍ، والمسلمون دون ذلك بكثير. حطين جيش صلاح الدين أقل، وذلك لما قاتل المسلمون في عين جالوت التتر كانوا أقل. إذاً القضية ليست عدداً، ولذلك كانت الآية في هذه القصة – قصة طالوت – : { كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}. فالمسألة تحتاج إلى صبر، {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ، قَالُوا: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا، وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ}. بعد الصبر والدعاء جاء النصر، يقول البراء رضي الله عنه: " كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، ولم يجاوز معه إلا مؤمن، بضعة عشر وثلاث مائة " [رواه البخاري] . { رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا } مبالغة في طلب الصبر، الإفراغ هو الصبر الكثير. { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} في ميدان المعركة، { وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }.  أما مجرد الكثرة  { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ } .

يا عباد الله معركتنا مع اليهود طويلة وليست قصيرة، والظاهر والله أعلم بغيبه.. أن المسألة لا تحسم في هذه الأيام القريبة، يزداد اليهود إجراماً وفظاعة، وقد يتوغلون، وحتى لو وصلوا إلى وسط غزة لكنهم يريدون إملاء شروط ينسحبون بعدها؛ لأنهم لا يستطيعون الاستمرار في الأزقة والشوارع، كل ما يريدونه هو إملاء أشياء، ويريدون سنوات طويلة، عشر سنوات، خمس عشرة سنة هدنة، ونحن نعلم بأن المعركة النهائية الفاصلة بيننا وبين اليهود التي لا قيام لهم بعدها أبداً، هي التي ستكون في أيام عيسى عليه السلام؛ لأنه لن يبقى في الأرض بعدها يهودي واحد، إما يدخل في الإسلام أو يُقتل، من الآن إلى ذلك الوقت وتلك المعركة توجد معارك صغار أو كبار، لكن ليست كتلك المعركة الفاصلة، وهذا المد والجزر وهذا التفاوت الذي يحصل بأمر الله سبحانه وتعالى، ولتستمر هذه العجلة، عجلة الشهادة في سبيل الله، التضحيات التي تقدم لهذا الدين، دفع الله الناس بعضهم ببعض، لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض، الآن لولا هذه الحرب التي قامت؛ هناك كثير من المعاني قد غابت عن الناس، فأعادتها الحرب مرة أخرى، ففيها من الفوائد والحكم العظيمة ما لا يعلمه إلا الله، قيام الموقعة هذه التي نحن فيها الآن فيها من الفوائد العظيمة لهذه الأمة في إيقاظها، وإعادة أشياء فقدتها في إحساسها، وتوجه هذه الأمة إلى الله، وقنوتها، وامتداد أيدي المعونة لتصل إلى إخوانهم المنكوبين، هذه فيها أشياء كثيرة لا يعلمها إلا الله، ولذلك يجب الاستبشار بها والتفاؤل. وقلنا إن من قُتل من المسلمين مستريح إن شاء الله؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن الذين يرحلون من الدنيا أحد نوعين :(( مستريح ومستراح منه ))، فالمؤمن استراح من هم الدنيا، والراحل من أهل غزة إلى ربه قد استراح من القصف والجوع والحصار والهلع والرعب والجراح. ومن ثبت منهم لله، وأخلص دينه، ومات على التوحيد فيرجى له الشهادة في هذا القصف. وبقي البقية ؛ فهل تصبرون ؟ وربك حكيم عليم.

اللهم إنا نسألك بحولك، وقوتك، وأنت القوي العزيز، يا منزل الكتاب، يا مجري السحاب،يا هازم الأحزاب، التجأنا إليك، ودعوناك أن تجعل الدبرة على أعدائك من اليهود، اللهم اشدد وطأتك عليهم، اللهم زلزلهم، وخالف بين كلمتهم، وألق الرعب في قلوبهم، واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم، أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، اللهم إنا نسألك بقوتك وجبروتك وكبريائك، وحولك وطولك يا رب العالمين أن تنتقم منهم، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم إنا نسألك أن تجعلهم وأموالهم وأسلحتهم غنيمة للمسلمين، اللهم إنا نسألك في هذه الساعة في يوم الجمعة، أن تغيث إخواننا المستضعفين، اللهم أعنهم وأغثهم وانصرهم وسددهم، اللهم إنا نسألك لهم العون على البلاء، اللهم إنا نسألك لهم الغوث يا رب العالمين، اللهم اجمع كلمتهم على الحق، ووحد صفوفهم على التوحيد، واهدهم سبل السلام، وأخرجنا وإياهم من الظلمات إلى النور، وثبت أقدامهم، وأفرغ عليهم صبراً، وانصرهم على القوم الكافرين ، اللهم أغنهم من  فضلك وارفع عنهم الضراء، واكشف عنهم البأس، إنك أنت الغني الحليم، إنك أنت الرؤوف الرحيم، نسألك برحمتك ورأفتك أن تغيث إخواننا المستضعفين، اللهم قيض لهم من رحمتك ما تجمع به شملهم، وما تسكن به قلوبهم وما تطمئن به نفوسهم ، اللهم آمن روعاتهم، اللهم آمن روعاتهم، واستر عوراتهم، اللهم إنا نسألك لهذه الأمة غوثاً قريباً، وفرجاً عاجلاً يا رب العالمين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام  على المرسلين، والحمد لله رب العالمين .