حمل الإمام للاقط الصوت

حمل الإمام للاقط الصوت

حمل الإمام للاقط الصوت

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .. أما بعد:

في عصرنا الحاضر حيث التطور العلمي في مجال التقنيات والإلكترونيات؛ يكون من الجميل أن نوظف هذا التطور في خدمة الدين، ومن ذلك ما تحتاجه بيوت الله – عز وجل – من ميكرفونات وأجهزة تبلغ صوت الإمام والخطيب – وبخاصة مع كثرة الناس، وازدحامهم في المساجد أحياناً -؛ حتى أصبح ذلك من الضروريات التي لا يستغنى عنها، وهنا مسألة مما يطرح فيما يخص هذا الباب هي: "حمل الإمام للاقط الصوت في الصلاة".

إذ كان فيما سبق من المعلوم أن لاقط الصوت له حامل خاص يحمله فيرفعه إلى مستوى الإمام، وقد يكون قريباً من الإمام عند قيامه، أو ركوعه، أو سجوده، وهذه من نعم الله – تعالى – علينا، لكن وجد في هذه السنوات لاقط الصوت الصغير الذي يعلق على الثياب، ويكون مع الإنسان في كل تحركاته، فيلقط كل ما يتلفظ به الإمام من تكبيرات عند كل حال من أحوال الصلاة، أو قد لا يتوفر سوى لاقط الصوت الكبير، وليس مع الإمام ما يحمله به، مما يضطر الإمام إلى حمله بيده لينتقل معه في كل الأحوال.

فهل هذا مما ذُكِر أنه من الانشغال في الصلاة، ومن الحركة المخلة التي لا تصلح في الصلاة، أم أن ذلك من الأشياء التي يحتاجها الإمام في تبليغ صوته للناس؟

ذكر في هذه المسألة حمل الإمام للاقط الصوت إنما يقاس على حمل النبي – صلى الله عليه وسلم – لأمامة بنت زينب – رضي الله عنهما – حيث كان يحملها وهو قائم؛ فإذا ما ركع أو سجد وضعها فعن أبي قتادة الأنصاري – رضي الله عنه – قال: "رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – يؤم الناس وأمامة بنت أبي العاص – وهي ابنة زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم – على عاتقه فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها"1.

وقال بعضهم: إن فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – هو للضرورة قال تقي الدين أبو الفتح – رحمه الله تعالى -: "أن هذا الفعل كان للضرورة، وهو مروي أيضاً عن مالك، وفرق بعض أتباعه بين أن تكون الحاجة شديدة بحيث لا يجد من يكفيه أمر الصبي ويخشى عليه، فهذا يجوز في النافلة والفريضة، وإن كان حمل الصبي في الصلاة على معنى الكفاية لأمه؛ لشغلها بغير ذلك؛ لم يصلح إلا في النافلة، وهذا أيضاً عليه من الإشكال أن الأصل استواء الفرض والنفل في الشرائط والأركان إلا ما خصه الدليل"2، هذا لمن قال أن ذلك في الضرورة، فعند عدم الضرورة يجوز في النافلة ولا يجوز في الفرض، وحمل اللاقط يعد أحياناً ضرورة لتبليغ الصوت – خاصة إن كان المسجد ذو أدوار، أو امتلأ المسجد، وصلى الناس خارج المسجد – فيحمل اللاقط، وإن استغنى  باللاقط الصغير الذي يعلق بالثياب فهو أفضل، وإن كان الميكرفون المحمول في اليد أفضل فلا إشكال، ويعد ذلك من الحركة اليسيرة التي لا تؤثر على الصلاة، وقد قال بمثل هذا مركز الفتوى في الشبكة الإسلامية حيث ورد السؤال التالي: هل يجوز للإمام أن يمسك بالمايك في يديه أثناء الصلاة ليسمع المأمومين القراءة والتكبير والتسليم حيث إن صوته لا يصل إليهم إلا ضعيفاً، والمايك الدبوس يشوش يجعل ماكينة الصوت تصفر مما يفسد على المصلين صلاتهم، فأرجو الإجابة سريعاً؟ وجزاكم الله خيراً.

الفتوى: يجوز للإمام أثناء صلاته حمل آلة التسميع لأن ذلك من الأفعال الخفيفة، خصوصاً إذا ترتب على ذلك إسماع صوته للمصلين.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز للإمام أثناء الصلاة أن يحمل آلة التسميع لأن هذا من الأفعال الخفيفة التي لا تؤثر على صحة الصلاة، خصوصاً إذا ترتبت على ذلك مصلحة كسماع صوته، ففي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع الحنبلي: (و) له (لبس ثوب وعمامه ولفها، وحمل شيء ووضعه) لما روى وائل بن حجر – رضي الله عنه -: "أن النبي – صلى الله عليه وسلم – التحف بإزاره وهو في الصلاة"3، وتقدم حمله – صلى الله عليه وسلم – أمامة، وكذا إن سقط رداؤه فله رفعه ولأنه عمل يسير. انتهى. والله أعلم"4، فتبين مما سبق جواز حمل الإمام للمايك، وأنه مما يُحتاج إليه هذه الأيام.

وصلي اللهم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.


 


1 البخاري (5537)، ومسلم (845) واللفظ له.

2 إحكام الأحكام (1/253).

3 مسلم (608).

4 مركز الفتوى (الشبكة الإسلامية):

http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=105899&Option=FatwaId