دور المرأة في بناء المسجد وعمارته

دور المرأة في بناء المسجد وعمارته

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبي الله محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن للمرأة دوراً في بناء المسجد وعمارته، فهي شقيقة الرجل، وهي نصف المجتمع، ولذلك فإن الإسلام لم يهملها وإنما اعتني بها وحياها، فكان – عليه الصلاة والسلام – يعظ النساء في المسجد ويعلمهن، وكن يحضرن دروس وخطب النبي ، بل إنه جعل لهن يوماً من أيام الأسبوع.

وكانت النساء يأتين في الصفوف الأخيرة من المسجد ليحضرن الصلاة وهن متحجبات، غير متطيبات، ولا فاتنات، ولا مفتونات، ثم ينصرفن قبيل انصراف الناس من المسجد.

ومن هنا فإن على المسلمين أن يوجدوا مكاناً مناسباً ليكون مصلى للنساء ليحضرن الصلاة، ويسمعن الخطب، والمحاضرات، والدروس العلمية، وأن يكون هذا المصلى مستقلاً وخاصاً بالنساء، وله باب خاص يبعدهن عن مزاحمة الرجال في الدخول وفي الخروج.

ففي المساجد تتلقي الأم المسلمة تربيتها الإسلامية الحقة، وتذهب عنها الأمية، ويزول عنها الجهل والانحراف العقدي، ويستقيم سلوكها، إلا أن هناك بعض الملاحظات التي ينبغي مراعاتها ومنها:

على المرأة المسلمة ألا تتطيب وتتعطر إذا قصدت المسجد، فهذا أمر منهي عنه لما فيه من الفتنة.

وعليها ألا تزاحم الرجال فإن ذلك سبب للفتنة، وطريق للمعصية.

وعليها ألا تأتي إلى المسجد إلا مع محرم؛ فإن بعض النساء تأتي ومعها سائق، والخلوة بالأجنبي محرمة، فتكون قد حرصت على نافلة مع كونها قد ارتكبت محرماً – والعياذ بالله -.

وعلى المرأة المسلمة إذا حضرت إلى المسجد ألا تنشغل بالحديث مع أخواتها، والسلام عليهن، ففي ذلك صرف للقلوب عن الذكر، وقطع للخشوع، وتشويش على الناس.

وعليها ألا تحضر أطفالها الصغار إلى المسجد؛ فيتحول إلى روضة للأطفال، ويسبب ذلك إزعاجاً للمصلين، وإيذاءهم، والتشويش عليهم، وربما تلطيخ المسجد بالنجاسات.1

ولقد نهى النبي  الرجالَ من منع نسائهم من حضور المساجد، وهذا يدل على أن للمرأة  المسلمة شأناً مهماً في عمارة المساجد، وبنائها لإيماني، فقد ثبت في الحديث عنه  أنه قال: (إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها)2، ولكن ينبغي على المرأة عند الخروج إلى المسجد الالتزام بآداب الإسلام في ذلك، وقد سبق ذكر شيء منها؛ فإن لم ينضبط حضور النساء إلى المسجد بأن ارتكبن مخالفات تضر بهن، أو تؤدي إلى فتنة في جانب الرجال أو النساء؛ فيجب منعهن؛ وقد صرحت عائشة – رضي الله عنها – بذلك حين رأت بعض المخالفات من النساء في زمن الصحابة – رضي الله عنهم – فقالت: “لو أن رسول الله  رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل”.3

وليكن دور المرأة المسلمة إذا حضرت إلى المسجد دوراً متميزاً، فليكن أهم هدف لها من الحضور هو إقامة الصلاة، وإذا شاركت في أعمال دعوية، أو أنشطة مختلفة تنفع بها النساء؛ فهذا فيه خير كثير، ومن تلك الأعمال إقامة المحاضرات للنساء، وتعليم الجاهلات بأمر الدين، ومساعدة الفقيرات من النساء، وجمع التبرعات لصالح المسلمين، أو لمصلحة المسجد، ونحو ذلك من الأعمال التي تعمر بها المرأة المسلمة المسجد.

نسأل الله أن يجعل بيوته عامرة بذكره، وشكره، وحسن عبادته، وأن يجعلنا من عمارها وأهلها، وأن يختم لنا بخاتمة حسنة، إنه على كل شيء قدير.


1 من محاضرة للشيخ عائض القرني في موقعه على الانترنت.

2 رواه البخاري ومسلم.

3 رواه البخاري ومسلم.