تعليم الخطابة

تعليم الخطابة

تعليم الخطابة

 

الحمد لله رب العالمـين, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلـى آله وصحبـه أجمعين, ثم أما بعد:

الخطابة صعبة, والإلقاء مستحيل وأنا سيء في حديثي, فهل يمكنني أن أجيد فن الإلقاء؟

بكل سهولة, تستطيع أن تتعلم الإلقاء, ولا يعني عزوفك أصلاً عن إلقاء الكلمات أنك لن تستطيع إجادتها، أو أن إخفاقك في موقف سابق يجعلك تصد عن ذلك، بل انظر بإيجابية واعلم أنك قد استفدت من موقفك السابق وتعلمت منه التجارب والخبرات حتى تجعلك تتقن هذا الفن.

اعلم -أخي- أن القدرات يصنعها الإنسان، والمهارة يكتسبها ويتعلمها الإنسان, وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما العلم بالتعلم  وإنما الحلم بالتحلم)1. فالإلقاء والخطابة علم وأمر يمكن للإنسان أن يتعلمه إذا اتبع قواعده وسار على نهجه وجلد على مراسه.

ولكي تتعلم الخطابة وتبدع فيها وتؤثر في الناس فهذه بعض التوجيهات التي لا تستغني عنها وهي:

1- الإخلاص: صحيح أن العمل الجاد يحتاج إلى التعب والجهد, ولكنه يحتاج قبل كل ذلك إلى الإخلاص لله تعالى, والمثل الرائع يقول: "قل لمن لا يخلص لا يتعب", فما فائدة العمل إن أريد به غير وجه الله تعالى.

نعم, لن يكون له أي تأثير لا على المتكلم ولا حتى على المستمعين, إن لم يكن هناك إخلاص "فرب عمل كبير تصغره النية, ورب عمل صغير تكبره النية".

فالخلاص في الإخلاص, ومما يعين على الإخلاص كثرة الدعاء بأن يجعل الله العمل صالحاً متقبلاً خالصاً له وحده, وأن يجعل له بالغ الأثر في الآخرين.

2- الجمهور: يجب على الخطيب أن يتعرف على جمهوره فما القيم والمبادئ التي يحملونها؟ وما مدى أهمية هذا الموضوع لديهم؟ وما الذي يريدون معرفته؟ وما هي المشاكل التي تواجههم فيه؟ لأن القاعدة تقول: "شكِّل حديثك حسب جمهورك", وكذلك يجب على الملقي أن يعرف كم عدد الحضور التقريبي, فإن كان جمهور صغير (أقل من 25 ) شخصاً فيعلم الملقي حينئذ أن الانتباه أكثر فالأمثلة أكثر والأسئلة والمناقشات ستكون مباشرة مع الجمهور, وسيقوم الملقي المتميز بالاتصال بالجميع عن طريق العين.

أما إذا كان الجمهور كبيراً أكثر من"25 شخصاً" فسيحدث السَرَحان والهمس مع الجار والتشتت في الانتباه, فعند ذلك يقوم الملقي بالربط والتلخيص وتكرار النقاط المهمة؛ ليحافظ على تركيز الجمهور وانتباهه.

وكذلك مما يجب أن يعرفه الملقي قبل إلقائه الوقت المتاح له, والمكان الذي سيلقي فيه؛ فإنهما سيساعدانه على القيام بمهمته.

3- الهدف: للأسف أننا في أوقات كثيرة نتحدث بدون أي هدف, فلماذا لا يكون لدينا أهداف صغيرة تخدم هدفاً مرحلياً تصب أخيراً في هدفنا الأخير  ومن خلال ما سبق نستطيع أن نحدد الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال إلقائنا, فكيف يصوغ الملقي هدفه؟

إليك هذه الطريقة العلمية المجربة التي يذكرها الدكتور طارق السويدان في كتابه "فن الإلقاء الرائع" فيقول : "اكتب جملة من 25 كلمة أو أقل تشرح موضوع حديثك مرتبطاً بهدفك, وإذا كنت أنت غير واضح في هدفك فكيف يستطيع المستمع أن يتبين هذا الهدف؟"

فعملية الهدف تعد عملية سهلة وتجعل كل شيء بعدها ينساب سهلاً ويسيراً فأبدأ بها أولاً, وستجد كل شيء بعدها سيغدو سلساً، فلعل هدفك الرئيسي هو أن تعرّف الجمهور على شيء جديد, وتجعله يفكر فيه, ويشعر به ويتذكره دائماً, فكيف ستصل لهدفك؟  فكر في ذلك جيداً !!.

يقول دايل كارينجي: إن التحضير يعني التفكير والاستنتاج والتذكر واختيار ما يعجبك وصقله وجمعه في وحدة فنية من صنعك الخاص.

نصائح عامة:

– يقول صاحب كتاب قوة الكلمة: "التوقف أو التشديد على كلمة أو عادة استخدام التشديد هو الترياق الشافي لمعالجة الملل".

– توقف عندما تنتهي من الموضوع ولا تتكلم لتملأ الوقت فقط.

– حاول أن يكون المكان جيداً في حجمه وتهويته, وأن تكون مقاعد الجمهور مريحة لهم.

– حاول استخدام وسائل الإيضاح "الشفافيات- عروض الكمبيوتر- الشرائح –البورجكتر- الأوراق الكبيرة- أفلام الفيديو- الخرائط والرسوم البيانية- جهاز التسجيل السمعي- السبورة … الخ.

– التمارين تحرك الجمهور وتجعله يتفاعل معك أكثر وأكثر.

– أكثر من ضرب الأمثلة فهي تجعل الصورة أقرب في أذهان المستمعين.

– أكثر من ذكر القصص فقد جبلت النفوس على حبها, ولكن اذكر فقد ما يتعلق بموضوعك.

– حتى تجعل صوتك جميلاً ورائعاً .. ما عليك إلا أن ترطب حبالك الصوتية بشرب كوب من الشاي الساخن قبل اللقاء بدقائق.

وأيضاً مما يفيد في تحسين الصوت واستمرار المتحدث لأوقات طويلة براحة تامة تناول شيء من العسل أو مما يغلب عليه السكريات2.

وفقك الله لما يحب ويرضى, وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلسسم, والحمد لله رب العالمين.

 

 


 


1 رواه الطبراني (1763) (ج 20 / ص 258) وحسنه الألباني برقم (2328)  في صحيح الجامع.

2  من موقع صيد الفوائد.